(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٠)
أي معكما بالعون والنصرة ومع من أرسلتما إليه بالعلم والقدرة (مُسْتَمِعُونَ) خبر لإنّ ، ومعكم لغو ، أو هما خبران أي سامعون ، والاستماع في غير الاصغاء للسماع ، يقال استمع (١) إلى حديثه أي أصغى إليه ، ولا يجوز حمله ههنا على ذلك ، فحمل على السماع.
١٦ ـ (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) لم يثنّ الرسول كما ثنّي في قوله إنا رسولا ربّك لأنّ الرسول يكون بمعنى المرسل وبمعنى الرسالة ، فجعل ثمة بمعنى المرسل فلم يكن بدّ من تثنيته وجعل هنا بمعنى الرسالة ، فيستوي في الوصف به الواحد والتثنية والجمع ، أو لأنهما لاتحادهما واتفاقهما على شريعة واحدة كأنهما رسول واحد ، أو أريد إنّ كلّ واحد منا.
١٧ ـ (أَنْ أَرْسِلْ) بمعنى أي أرسل ، لتضمّن الرسول معنى الإرسال ، وفيه معنى القول (مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) يريد خلّهم يذهبوا معنا إلى فلسطين ، وكانت مسكنهما ، فأتيا بابه ، فلم يؤذن لهما سنة ، حتى قال البواب إنّ ههنا إنسانا يزعم أنه رسول ربّ العالمين ، فقال ائذن له لعلنا نضحك منه ، فأدّيا إليه الرسالة ، فعرف فرعون موسى فعند ذلك :
١٨ ـ (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) وإنما حذف فأتيا فرعون فقالا له ذلك (٢) اختصارا ، والوليد الصبيّ لقرب عهده من الولادة ، أي ألم تكن صغيرا فربيناك (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) قيل ثلاثين سنة.
١٩ ـ (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) يعني قتل القبطي ، فعرّض إذ كان ملكا (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بنعمتي حيث قتلت خبازي ، أو كنت على ديننا الذي تسميه كفرا ، وهذا افتراء منه عليه لأنه معصوم من الكفر ، وكان يعايشهم بالتّقية.
٢٠ ـ (قالَ فَعَلْتُها إِذاً) أي إذ ذاك (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) الجاهلين بأنها تبلغ القتل ، والضالّ عن الشيء هو الذاهب عن معرفته ، أو الناسين من قوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما
__________________
(١) في (ز) استمع فلان.
(٢) في (ز) فقال اختصارا.