(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٧)
خبر لتلك ، أي تلك آيات وهادية من الضلالة ومبشّرة بالجنة ، وقيل هدى لجميع الخلق وبشرى (لِلْمُؤْمِنِينَ) خاصة.
٣ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يديمون على فرائضها وسننها (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) يؤدّون زكاة أموالهم (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) من جملة صلة الموصول ، ويحتمل أن تتمّ الصّلة عنده ، وهو استئناف ، كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة ، ويدلّ عليه أنه عقد جملة اسمية وكرّر فيها المبتدأ الذي هو هم حتى صار معناها وما يوقن بالآخرة حقّ الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، لأنّ خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاقّ.
٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) بخلق الشهوة فيهم (١) حتى رأوا ذلك حسنا ، كما قال : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) (٢) (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يترددون في ضلالتهم كما يكون حال الضالّ عن الطريق.
٥ ـ (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) القتل والأسر يوم بدر بما كان منهم من سوء الأعمال (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أشدّ الناس خسرانا ، لأنهم لو آمنوا لكانوا من الشهداء على جميع الأمم ، فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله.
٦ ـ (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) لتؤتاه وتلقّنه (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) من عند أيّ حكيم وأيّ عليم ، وهذا معنى تنكيرهما. وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ودقائق علمه.
٧ ـ (إِذْ) منصوب باذكر ، كأنه قال على أثر ذلك خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى عليهالسلام (قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) لزوجته ومن معه عند مسيره من مدين إلى
__________________
(١) ليس في (ز) فيهم.
(٢) فاطر ، ٣٥ / ٨.