(وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (١٢)
١٠ ـ (وَأَلْقِ عَصاكَ) لتعلم معجزتك فتأنس بها ، وهو عطف على بورك ، لأن المعنى نودي أن بورك من في النار وأن ألق عصاك ، كلاهما تفسير لنودي ، فالمعنى قيل له بورك من في النار وقيل له ألق عصاك ، ويدلّ عليه ما ذكر في سورة «القصص» : (أَنْ أَلْقِ عَصاكَ) (١) بعد قوله : (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ) (٢) على تكرير حرف التفسير (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) تتحرك ، حال من الهاء في رآها (كَأَنَّها جَانٌ) حية صغيرة ، حال من الضمير في تهتز (وَلَّى) موسى (مُدْبِراً) أدبر عنها ، وجعلها تلي ظهره خوفا من وثوب الحية عليه (وَلَمْ يُعَقِّبْ) ولم يلتفت ، أو لم يرجع ، يقال قد عقّب فلان إذا رجع يقاتل بعد أن ولّى فنودي (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) أي لا يخاف عندي المرسلون حال خطابي إياهم ، أو لا يخاف لدي المرسلون من غيري.
١١ ـ (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) أي لكن من ظلم من غيرهم ، لأنّ الأنبياء لا يظلمون ، أو ولكن من ظلم منهم أي (٣) من ذلّ من المرسلين ، فجاء منه (٤) غير ما أذنت له مما يجوز على الأنبياء ، كما فرط من آدم ويونس وداود وسليمان عليهمالسلام (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً) أي أتبع توبة (بَعْدَ سُوءٍ) زلة (فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) أقبل توبته وأغفر زلته وأرحمه فأحقق أمنيته ، فكأنه تعريض بما قال موسى حين قتل القبطي (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ) (٥).
١٢ ـ (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) جيب قميصك وأخرجها (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) نيّرة تغلب نور الشمس (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) برص ، وبيضاء ومن غير سوء حالان (فِي تِسْعِ آياتٍ) كلام مستأنف ، وفي يتعلق بمحذوف أي اذهب في تسع آيات ، أو وألق عصاك وأدخل يدك في جملة تسع آيات (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) إلى يتعلق بمحذوف أي مرسلا إلى فرعون وقومه (٦) (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) خارجين عن أمر الله كافرين.
__________________
(١) القصص ، ٢٨ / ٣١.
(٢) القصص ، ٢٨ / ٣٠.
(٣) ليس في (ز) أي.
(٤) ليس في (ز) منه.
(٥) القصص ، ٢٨ / ١٦.
(٦) ليس في (أ) وقومه.