وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٤٤)
(قَبْلِها) من كلام بلقيس أي وأوتينا العلم بقدرة الله تعالى وبصحة نبوّتك بالآيات المتقدمة من أمر الهدهد والرسل من قبل هذه المعجزة أى إحضار العرش ، أو من قبل هذه الحالة (وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) منقادين لك مطيعين لأمرك ، أو من كلام سليمان وملئه عطفوا على كلامها قولهم : وأوتينا العلم بالله وبقدرته وبصحة ما جاء من عنده قبل علمها ، أو أوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها وكنّا مسلمين موحّدين خاضعين.
٤٣ ـ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ) متصل بكلام سليمان أي وصدّها عن العلم بما علمناه ، أو عن التقدّم إلى الإسلام عبادة الشمس ونشؤها بين أظهر الكفرة ، ثم بين نشأها بين الكفرة بقوله (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) أو كلام مبتدأ أي قال الله تعالى وصدّها قبل ذلك عما دخلت فيه ضلالها عن سواء السبيل ، أو صدّها الله أو سليمان عما كانت تعبد بتقدير حذف الجار وإيصال الفعل.
٤٤ ـ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) أي القصر أو صحن الدار (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً) ماء عظيما (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) سأقيها بالهمزة مكي ، روي أنّ سليمان أمر قبل قدومها فبني له على طريقها قصر من زجاج أبيض وأجرى من تحته الماء وألقى فيه السمك وغيره ووضع سريره في صدره ، فجلس عليه ، وعكف عليه الطير والجنّ والإنس ، وإنما فعل ذلك ليزيدها استعظاما لأمره وتحقيقا لنبوته ، وقيل إنّ الجنّ كرهوا أن يتزوجها فتفضي إليه بأسرارهم لأنها كانت بنت جنية ، وقيل خافوا أن يولد له منها ولد يجتمع له (١) فطنة الجنّ والإنس فيخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشدّ ، فقالوا له إنّ في عقلها شيئا ، وهي شعراء الساقين ، ورجلها كحافر الحمار ، فاختبر عقلها بتنكير العرش واتخذ الصرح ليعرف ساقها ورجلها ، فكشفت عنهما فإذا هي أحسن الناس (٢) ساقا وقدما إلّا أنها شعراء فصرف بصره (قالَ) لها (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) مملس مستو ومنه الأمرد (مِنْ قَوارِيرَ) من الزّجاج ، وأراد سليمان تزوّجها فكره شعرها ، فعملت لها الشياطين النورة ، فأزالته فنكحها سليمان وأحبّها وأقرّها على
__________________
(١) في (ز) يجمع فطنة.
(٢) في (ظ) و (ز) أحسن الناس.