(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٦٥)
المحوجة إلى اللجإ ، يقال اضطرّه إلى كذا ، والفاعل والمفعول مضطر ، والمضطرّ الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نزال الدهر إلى الالتجاء (١) والتضرّع إلى الله ، أو المذنب إذا استغفر ، أو المظلوم إذا دعا ، أو من رفع يديه ولم ير لنفسه حسنة غير التوحيد ، وهو منه على خطر (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) الضرّ أو الجور (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) أي فيها ، وذلك توارثهم سكناها والتصرّف فيها قرنا بعد قرن ، أو أراد بالخلافة الملك والتسلّط (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) وبالياء أبو عمرو ، وبالتخفيف حمزة وعلي وحفص ، وما مزيدة أي تذكرون تذكّرا قليلا.
٦٣ ـ (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) يرشدكم بالنجوم (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ليلا وبعلامات في الأرض نهارا (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ) الريح مكي وحمزة وعليّ (بُشْراً) من البشارة ، وقد مرّ (٢) (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) قدّام المطر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
٦٤ ـ (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) ينشىء الخلق (ثُمَّ يُعِيدُهُ) وإنما قيل لهم ثم يعيده وهم منكرون للإعادة لأنه أزيحت علّتهم بالتمكين من المعرفة والإقرار فلم يبق لهم عذر في الإنكار (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) أي المطر (وَالْأَرْضِ) أي ومن الأرض النبات (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجّتكم على إشراككم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم أنّ مع الله إلها آخر.
٦٥ ـ (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) من فاعل يعلم ، والغيب هو ما لم يقم عليه دليل ولا اطّلع عليه مخلوق ، مفعوله (٣) : والله بدل من من ، والمعنى لا يعلم أحد الغيب إلّا الله ، نعم إنّ الله تعالى يتعالى عن أن يكون ممن في السماوات والأرض ولكنه جاء على لغة بني تميم حيث يجرون الاستثناء المنقطع مجرى المتصل ويجيزون النصب والبدل في المنقطع كما في المتصل ، ويقولون ما في الدار
__________________
(١) في (ظ) و (ز) اللجأ.
(٢) زاد في (ز) في الأعراف.
(٣) في (ظ) و (ز) فعول.