قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (٣٥)
(جَناحِكَ) (١) في طه أدخل يمناك تحت يسراك (فَذانِكَ) مخففا مثنى ذاك ، ومشدّدا مكي وأبو عمرو مثنى ذلك ، فإحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ، والمراد اليد والعصا (بُرْهانانِ) حجّتان نيّرتان بيّنتان ، وسمّيت الحجّة برهانا لإنارتها ، من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة (مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) أي أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) كافرين.
٣٣ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) به ، بغير ياء وبالياء يعقوب.
٣٤ ـ (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي) حفص (رِدْءاً) حال أي عونا ، يقال ردأته أعنته ، وبلا همز مدني (يُصَدِّقُنِي) عاصم وحمزة صفة ، أي ردأ مصدّقا لي ، وغيرهما بالجزم جواب لأرسله ، ومعنى تصديقه موسى إعانته إياه بزيادة البيان في مظانّ الجدال إن احتاج إليه ليثبت دعواه ، لا أن يقول له صدقت ، ألا ترى إلى قوله هو أفصح مني لسانا فأرسله ، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان لا لقوله صدقت ، فسحبان (٢) وباقل (٣) فيه يستويان (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) يكذبوني في الحالين يعقوب.
٣٥ ـ (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) سنقوّيك به ، إذ اليد تشتدّ (٤) بشدّة العضد ، لأنه قوام اليد ، والجملة تقوى بشدّة اليد على مزاولة الأمور (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) غلبة وتسلطا وهيبة في قلوب الأعداء (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) الباء تتعلق بيصلون ، أي لا يصلون إليكما بسبب آياتنا وتم الكلام ، أو بنجعل لكما سلطانا أي نسلطكما بآياتنا ، أو بمحذوف أي اذهبا بآياتنا ، أو هو بيان للغالبون لا صلة ، أو قسم جوابه لا يصلون مقدّما عليه (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ).
__________________
(١) طه ، ٢٠ / ٢٢.
(٢) سحبان : اسم رجل بليغ يضرب به المثل (القاموس ١ / ٨١).
(٣) باقل : رجل اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فسئل عن شرائه ، ففتح كفيه وأخرج لسانه يشير إلى ثمنه ، فانفلت ، فضرب به المثل في العي (القاموس ٣ / ٣٣٦).
(٤) في (ز) تشد.