(وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٣٢)
شاطىء الواد بدل الاشتمال ، لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء أي الجانب.
٣١ ـ (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) ونودي أن ألق عصاك ، فألقاها ، فقلبها الله ثعبانا (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) تتحرك (كَأَنَّها جَانٌ) حية في سعيها ، وهي ثعبان في جثتها (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) يرجع ، فقيل له (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) أي أمنت من أن ينالك مكروه من الحية.
٣٢ ـ (اسْلُكْ) أدخل (يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) جيب قميصك (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها شعاع كشعاع الشمس (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) برص (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) حجازي وبصري (١). الرّهب حفص ، الرّهب غيرهم ، ومعنى الكلّ الخوف ، والمعنى واضمم يدك إلى صدرك يذهب ما بك من فرق ، أي لأجل الحية ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : كلّ خائف إذا وضع يده على صدره زال خوفه. وقيل معنى ضم الجناح أنّ الله تعالى لما قلب العصا حية فزع موسى واتّقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء ، فقيل له إنّ اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء ، فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران اجتناب ما هو غضاضة عليك وإظهار معجزة أخرى ، والمراد بالجناح اليد لأنّ يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضمّ جناحه إليه ، أو أريد بضمّ جناحه إليه تجلّده وضبطه نفسه عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما ، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمّران ، ومعنى من الرّهب من أجل الرّهب أي إذا أصابك الرّهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك ، جعل الرّهب الذي كان يصيبه سببا وعلّة فيما أمر به من ضمّ جناحه إليه ومعنى واضمم إليك جناحك واسلك يدك في جيبك على أحد التفسيرين واحد ولكن خولف بين العبارتين لاختلاف الغرضين ، إذ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء ، وفي الثاني إخفاء الرهب ، ومعنى : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى
__________________
(١) في مصحف النسفي : (الرَّهْبِ) بفتح الراء والهاء وهي قراءة ...