(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣٠)
قد أقبل ، فحاربته العصا حتى قتلته ، وعادت إلى جنب موسى دامية ، فلما أبصرها دامية والتنين مقتولا ارتاح لذلك ، ولما رجع إلى شعيب مسّ الغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن ، فأخبره موسى ، ففرح ، وعلم أنّ لموسى والعصا شأنا ، وقال له : إني وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كلّ أدرع ودرعاء (١) ، فأوحي إليه في المنام أن أضرب بعصاك مستقى الغنم ، ففعل ، ثم سقى ، فوضعت كلّهنّ أدرع ودرعاء فوفى له بشرطه.
٢٩ ـ (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) قال عليهالسلام : (قضى أوفاهما وتزوج صغراهما) (٢) وهذا بخلاف الرواية التي مرّت (وَسارَ بِأَهْلِهِ) بامرأته نحو مصر. قال ابن عطاء : لما تمّ أجل المحنة ، ودنا أيام الزّلفة ، وظهرت أنوار النبوة ، سار بأهله ليشتركوا معه في لطائف صنع ربّه (آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) عن الطريق لأنه قد ضلّ الطريق (أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ).
٣٠ ـ (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ) بالنسبة إلى موسى (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) بتكليم الله تعالى فيها (مِنَ الشَّجَرَةِ) العناب أو العوسج (أَنْ يا مُوسى) أن مفسرة أو مخففة من الثقيلة (إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) قال جعفر : أبصر نارا دلّته على الأنوار لأنه رأى النور في هيئة النار ، فلما دنا منها شملته أنوار القدس ، وأحاطت به جلابيب الأنس ، فخوطب بألطف خطاب ، واستدعى منه أحسن جواب ، فصار بذلك مكلّما شريفا ، أعطي ما سأل ، وأمن مما خاف ، والجذوة باللغات الثلاث ، وقرىء بهنّ ، فعاصم بفتح الجيم ، وحمزة وخلف بضمّها ، وغيرهما بكسرها ، العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن ، ومن الأولى والثانية لابتداء الغاية ، أي أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة ، ومن الشجرة بدل من
__________________
(١) الأدرع : من الشاء ما اسود رأسه وابيضّ سائره (القاموس ٣ / ٢٠).
(٢) الطبراني والبزار.