(قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨)
عليه وشقّ عليه الأمر أنّ الأمر إذا تعاظمك فكأنه شقّ عليك ظنّك باثنين ، تقول تارة أطيقه وطورا لا أطيقه (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) في حسن المعاملة والوفاء بالعهد ، ويجوز أن يراد الصلاح على العموم ويدخل تحته حسن المعاملة ، والمراد باشتراطه مشيئة الله فيما وعد من الصلاح الاتكال على توفيقه فيه ومعونته لأنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ذلك.
٢٨ ـ (قالَ) موسى (ذلِكَ) مبتدأ ، وهو إشارة إلى ما عاهده عليه شعيب ، والخبر (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) يعني ذلك الذي قلته وعاهدتني فيه وشارطتني عليه قائم بيننا جميعا لا يخرج كلانا عنه ، لا أنا عما (١) شرطت علي ، ولا أنت فيما شرطت على نفسك ، ثم قال (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) أي أيّ أجل قضيت من الأجلين يعني العشر والثماني (٢) ، وأيّ نصب بقضيت ، وما زائدة ومؤكدة لإبهام أيّ ، وهي شرطية وجوابها (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) أي لا يعتدى عليّ في طلب الزيادة عليه ، قال المبرد : قد علم أنه لا عدوان عليه في أتمهما (٣) ، ولكن جمعهما ليجعل الأقلّ كالأتمّ في الوفاء ، وكما أنّ طلب الزيادة على الأتم عدوان فكذا طلب الزيادة على الأقلّ (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) هو من وكل إليه الأمر ، وعدّي بعلى لأنه استعمل في موضع الشاهد والمقيت (٤).
روي أنّ شعيبا كانت عنده عصيّ الأنبياء عليهمالسلام فقال لموسى بالليل : أدخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصيّ ، فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة ، ولم يزل الأنبياء عليهمالسلام يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب ، فمسّها ، وكان مكفوفا ، فضنّ بها ، فقال : خذ غيرها ، فما وقع في يده إلا هي سبع مرات ، فعلم أنّ له شأنا ، ولما أصبح قال له شعيب : إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك ، فإن الكلأ وإن كان بها أكثر إلا أنّ فيها تنينا أخشاه عليك وعلى الغنم ، فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفّها ، فمشى على أثرها ، فإذا عشب وريف لم ير مثله ، فنام ، فإذا التنين
__________________
(١) في (ز) فيما.
(٢) في (ز) العشرة أو الثمانية.
(٣) في (ز) أيهما.
(٤) في (ظ) و (ز) الرقيب. والمقيت الحافظ للشيء والشاهد له ، وقيل : المقيت المقتدر كالذي يعطي كل رجل قوته. (مختار الصحاح).