(وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) (٥٨)
بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك)؟ قال : فما تريد يا ابن أخي؟ قال : (أريد منك أن تقول لا إله إلّا الله أشهد لك بها عند الله) قال : يا ابن أخي (١) قد علمت أنك صادق ولكني أكره أن يقال خرع (٢) عند الموت (٣). وإن كانت الصيغة عامة ، والآية حجة على المعتزلة لأنهم يقولون : الهدى هو البيان وقد هدى الناس أجمع ، ولكنهم لم يهتدوا بسوء اختيارهم فدلّ أنّ وراء البيان ما يسمّى هداية ، وهو خلق الاهتداء وإعطاء التوفيق والقدرة.
٥٧ ـ (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) قالت قريش نحن نعلم أنك على الحق ولكنّا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب بذلك أن يتخطّفونا من أرضنا ، فألقمهم الله الحجة (٤) بأنه مكّن لهم في الحرم الذي أمّنه بحرمة البيت وأمّن قطّانه بحرمته ، والثمرات تجبى إليه من كلّ أوب وهم كفرة ، فأنّى يستقيم أن يعرّضهم للتخطّف ويسلبهم الأمن إذا ضمّوا إلى حرمة البيت حرمة الإسلام؟ وإسناد الأمن إلى أهل الحرم حقيقة وإلى الحرم مجاز (يُجْبى إِلَيْهِ) وبالتاء مدني ويعقوب وسهل أي يجلب ويجمع (٥) (ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) معنى الكلية الكثرة كقوله : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (٦) (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) هو مصدر لأنّ معنى يجبى إليه يرزق ، أو مفعول له ، أو حال من الثمرات إن كان بمعنى مرزوق لتخصّصها بالإضافة كما تنصب عن النكرة المتخصصة بالصفة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) متعلق بمن لدنّا ، أي قليل منهم يقرّون بأنّ ذلك رزق من عند الله وأكثرهم جهلة لا يعلمون ذلك ، ولو علموا أنه من عند الله لعلموا أنّ الخوف والأمن من عنده ولما خافوا التخطّف إذا آمنوا به.
٥٨ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) هذا تخويف لأهل مكة من
__________________
(١) في (ظ) و (ز) زاد أنا.
(٢) في (ز) جزع ، وخرع يعني ضعف.
(٣) قصة وفاة أبي طالب في الصحيحين بغير هذا السياق.
(٤) في (ظ) و (ز) الحجر.
(٥) في (ظ) و (ز) تجلب وتجمع.
(٦) النمل ، ٢٧ / ٢٣.