(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) (٨١)
في اليسار كعادة البشر ، وقيل كانوا كفارا (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ) قالوه غبطة ، والغابط هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه كهذه الآية ، والحاسد هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه وهو كقوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) (١) وقيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم هل تضرّ الغبطة؟ قال : (لا إلّا كما يضرّ العضاه (٢) الخبط) (٣) (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) الحظّ الجدّ وهو البخت والدولة.
٨٠ ـ (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) بالثواب والعقاب وفناء الدنيا وبقاء العقبى لغابطي قارون (وَيْلَكُمْ) أصل ويلك الدعاء بالهلاك ، ثم استعمل في الزجر والردع والبعث على ترك ما لا يرضي ، وفي التبيان في إعراب القرآن (٤) هو مفعول فعل محذوف أي ألزمكم الله ويلكم (ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها) أي لا يلقن هذه الكلمة وهي ثواب الله خير (إِلَّا الصَّابِرُونَ) على الطاعات وعن الشهوات وزينة الدنيا وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير.
٨١ ـ (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) كان قارون يؤذي موسى عليهالسلام كلّ وقت ، وهو يداريه للقرابة التي بينهما حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كلّ ألف دينار على دينار وعن كلّ ألف درهم على درهم ، فحسبه فاستكثره ، فشحّت به نفسه ، فجمع بني إسرائيل وقال : إن موسى يريد أن يأخذ أموالكم ، فقالوا : أنت كبيرنا فمر بما شئت ، قال : نبرطل فلانة البغي حتى ترميه بنفسها ، فترفضه بنو إسرائيل ، فجعل لها ألف دينار أو طستا من ذهب ، أو حكمها ، فلما كان يوم عيد قام موسى فقال : يا بني إسرائيل من سرق قطعناه ، ومن افترى جلدناه ، ومن زنى وهو غير محصن جلدناه ، وإن أحصن رجمناه ، فقال قارون : وإن كنت أنت؟ قال : وإن كنت أنا ، قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة ، فأحضرت ، فناشدها بالذي فلق البحر وأنزل
__________________
(١) النساء ، ٤ / ٣٢.
(٢) العضاه : كل شجر عظيم له شوك. الواحدة عضة (النهاية ٣ / ٢٥٥).
(٣) قال ابن حجر : ذكره ثابت السرقسطي في الغريب هكذا بغير إسناد.
(٤) ويسمى «إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن» لأبي البقاء العكبري.