(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٨٣)
التوراة أن تصدق ، فقالت : جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك بنفسي ، فخرّ موسى ساجدا يبكي ، وقال : يا ربّ إن كنت رسولك فاغضب لي ، فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت فإنها مطيعة لك ، فقال : يا بني إسرائيل إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون ، فمن كان معه فيلزم مكانه ومن كان معي فليعتزل ، فاعتزلوا جميعا غير رجلين ، ثم قال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم إلى الرّكب ، ثم قال : خذيهم ، فأخذتهم إلى الأوساط ، ثم قال : خذيهم ، فأخذتهم إلى الأعناق ، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى ويناشدونه بالله والرّحم وموسى لا يلتفت إليهم لشدة غضبه ، ثم قال : خذيهم فانطبقت عليهم ، فقال الله تعالى لموسى (١) : استغاث بك مرارا فلم ترحمه فوعزتي لو استرحمني مرة لرحمته ، فقال بعض بني إسرائيل : إنما أهلكه ليرث ماله ، فدعا الله حتى خسف بداره وكنوزه (٢) (فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ) جماعة (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) يمنعونه من عذاب الله (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) من المنتقمين من موسى ، أو من الممتنعين من عذاب الله ، يقال نصره من عدوّه فانتصر ، أي منعه منه فامتنع.
٨٢ ـ (وَأَصْبَحَ) وصار (الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ) منزلته من الدنيا (بِالْأَمْسِ) ظرف لتمنوا ولم يرد به اليوم الذي قبل يومك ولكن الوقت القريب استعارة (يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) وي منفصلة عن كأنّ عند البصريين ، قال سيبويه : وي كلمة تنبيه (٣) على الخطأ وتندّم يستعملها النادم بإظهار ندامته ، يعني أنّ القوم قد تنبهوا على خطئهم في تمنيهم وقولهم يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون وتندّموا (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بصرف ما كنّا نتمناه بالأمس (لَخَسَفَ بِنا) (٤) وبفتحتين حفص ويعقوب وسهل ، وفيه ضمير الله تعالى (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) أي تندموا ثم قالوا كأنه لا يفلح الكافرون.
٨٣ ـ (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) تلك تعظيم لها وتفخيم لشأنها يعني تلك التي
__________________
(١) ليس في (ز) لموسى.
(٢) الطبري عن ابن عباس وأوسع منه.
(٣) في (ظ) و (ز) تنبه.
(٤) في مصحف النسفي : لخسف بضم الخاء وكسر السين وهي قراءة لذلك انتقل في التفسير إلى قراءة أخرى فقال : ...