(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤)
موسى ، تشريفا له ، وتنويها بفضله ، وتصريحه باسمه في قوله : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) (١) ونحوه لتعليم الناس بأنه رسول الله (اتَّقِ اللهَ) اثبت على تقوى الله ودم عليه وازدد منه ، فهو باب لا يدرك مداه (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) ولا تساعدهم على شيء ، واحترس منهم ، فإنهم أعداء الله والمؤمنين ، وروي أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السّلميّ (٢) قدموا المدينة بعد قتال أحد ، فنزلوا على عبد الله بن أبيّ ، وأعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه ، فقالوا : ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تنفع وتشفع ، ووازرهم المنافقون على ذلك فهمّ المسلمون بقتلهم فنزلت (٣) ، أي اتق الله في نقض العهد ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بخبث أعمالهم (حَكِيماً) في تأخير الأمر بقتالهم.
٢ ـ (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) في الثبات على التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين (إِنَّ اللهَ) الذي يوحي إليك (كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي لم يزل عالما بأعمالهم وأعمالكم ، وقيل إنما جمع لأنّ المراد بقوله اتّبع هو وأصحابه ، وبالياء أبو عمرو ، أي بما يعمل الكافرون والمنافقون من كيدهم لكم ومكرهم بكم.
٣ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وأسند أمرك إليه وكله إلى تدبيره (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) حافظا موكولا إليه كل أمر ، وقال الزّجّاج : لفظه وإن كان لفظ الخبر فالمعنى اكتف بالله وكيلا.
٤ ـ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) أي ما جمع الله قلبين (٤) لأنه لا يخلو إمّا أن
__________________
(١) الفتح ، ٤٨ / ٢٩.
(٢) أبو الأعور السلمي : عمرو بن سفيان ، له صحبة ، قاتل مع معاوية في صفين ، توفي في خلافة معاوية (تاريخ الإسلام ـ عهد معاوية ـ ٤١ ـ ٦٠ ه ، الأنساب ٣ / ٢٧٨).
(٣) قال ابن حجر : ذكره الثعلبي والواحدي بغير سند.
(٤) في (ظ) و (ز) زاد : في جوف ولا زوجية وأمومة في امرأة ولا بنوة ودعوة في رجل ، والمعنى أنه تعالى كما لم يجعل لإنسان قلبين.