يفعل بأحدهما مثل ما يفعل بالآخر (١) من أفعال القلوب ، فأحدهما فضلة غير محتاج إليه ، وإمّا أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك ، فذلك يؤدي إلى اتصاف الجملة بكونه مريدا كارها عالما ظانّا موقنا شاكا في حالة واحدة ، لم يحكم أيضا أن تكون المرأة الواحدة أمّا لرجل زوجا له لأنّ الأم مخدومة والمرأة خادمة وبينهما منافاة ، وأن يكون الرجل الواحد دعيّا لرجل ابنا له لأن البنوة أصالة في النسب والدّعوة إلصاق عارض بالتسمية لا غير ، ولا يجتمع في الشيء الواحد أن يكون أصيلا غير أصيل ، وهذا مثل ضربه الله تعالى في زيد بن حارثة (٢) وهو رجل من كلب سبي صغيرا فاشتراه حكيم بن حزام (٣) لعمته خديجة (٤) ، فلما تزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهبته له ، فطلبه أبوه وعمّه ، فخيّر فاختار رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعتقه وتبناه ، وكانوا يقولون زيد بن محمد ، فلمّا تزوّج النبيّ صلىاللهعليهوسلم زينب (٥) وكانت تحت زيد قال المنافقون : تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى عنه ، فأنزل الله هذه الآية ، وقيل كان المنافقون يقولون : لمحمد قلبان قلب معكم وقلب مع أصحابه ، وقيل كان أبو معمر (٦) أحفظ العرب ، فقيل له ذو القلبين ، فأكذب الله قولهم وضربه مثلا في الظّهار والتبني. والتنكير في رجل وإدخال من الاستغراقية على قلبين وذكر الجوف للتأكيد ، اللائي بياء بعد الهمزة حيث كان كوفي وشامي ، اللاء نافع ويعقوب وسهل ، وهي جمع التي ، تظاهرون عاصم من ظاهر إذا قال لامرأته أنت عليّ كظهر أميّ ، تظاهرون عليّ وحمزة وخلف ، تظّاهرون شامي من الظّاهر بمعنى تظاهر ، غيرهم تظّهّرون من اظّهّر بمعنى تظهّر ، وعدّي بمن لتضمنه معنى البعد ، لأنه كان طلاقا في الجاهلية ، ونظيره آلى من امرأته ، لما ضمّن معنى التباعد عدّى بمن وإلا فآلى في أصله الذي هو معنى حلف وأقسم ليس هذا بحكمه ،
__________________
(١) زاد في (ز) فعلا.
(٢) زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، صحابي من أقدمهم إسلاما استشهد في غزوة مؤتة عام ٨ ه (الأعلام ٣ / ٥٧).
(٣) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. أبو خالد ، صحابي ، قرشي وهو ابن أخي خديجة أم المؤمنين ، كان من سادات قريش في الجاهلية والإسلام ، أسلم يوم الفتح توفي عام ٥٤ ه (الأعلام ٢ / ٢٦٩).
(٤) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ، من قريش ، أم المؤمنين أول من أسلم من الرجال والنساء ، أم أولاد النبي عليهالسلام غير إبراهيم ، ولدت عام ٦٨ ق. ه وتوفيت في مكة عام ٣ ه (الأعلام ٢ / ٣٠٢).
(٥) زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية من أسد خزيمة ، أم المؤمنين وبسببها نزلت آية الحجاب ، روت ١١ حديثا ولدت عام ٣٣ ق. ه وماتت عام ٢٠ ه (الأعلام ٣ / ٦٦).
(٦) أبو معمر ـ ذو القلبين : لم أجد له ترجمة.