(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥)
والدّعي فعيل بمعنى مفعول ، وهو الذي يدعى ولدا ، وجمع على أفعلاء شاذا لأنّ بابه ما كان منه بمعنى فاعل كتقي وأتقياء وشقي وأشقياء ، ولا يكون ذلك في نحو رميّ وسميّ للتشبيه اللفظي (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) أي أنّ قولكم للزوجة هي أمّ وللدّعي هو ابن قول تقولونه بألسنتكم لا حقيقة له ، إذ الابن أن (١) يكون بالولادة وكذا الأمّ (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) أي ما هو (٢) حقّ ظاهره وباطنه (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) أي سبيل الحقّ.
ثم قال ما هو الحقّ وهدى إلى ما هو سبيل الحقّ وهو قوله :
٥ ـ (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ) أعدل (عِنْدَ اللهِ) وبيّن أنّ دعاءهم لآبائهم هو أدخل الأمرين في القسط والعدل ، وقيل كان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه جلد (٣) الرجل ضمّه إلى نفسه وجعل له مثل نصيب الذكر من أولاده من ميراثه ، وكان ينسب إليه ، فيقال فلان بن فلان ، ثم انظر إلى فصاحة هذا الكلام ، حيث وصل الجملة الطلبية ، ثم فصل الخبرية عنها ، ووصل بينها ، ثم فصل الأسمية عنها ووصل بينها ، ثم فصل بالطلبية (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ) فإن لم تعلموا لهم آباء تنسبونهم إليهم (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) أي فهم إخوانكم في الدين وأولياؤكم في الدين ، فقولوا هذا أخي وهذا مولاي ، ويا أخي ويا مولاي ، يريد الأخوة في الدين والولاية فيه (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النّهي (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ولكن الإثم عليكم فيما تعمدتموه بعد النّهي ، أو لا إثم عليكم إذا قلتم لولد غيركم يا بني على سبيل الخطإ وسبق اللسان ، ولكن إذا قلتموه متعمّدين ، وما في موضع الجرّ عطف على ما الأولى ، ويجوز أن يراد العفو عن الخطإ دون العمد على سبيل العموم ، ثم تناول
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) أن.
(٢) في (ز) سقطت هو.
(٣) جلد الرجل : أي ولد غيره. والجلد محركة جلد البوّ ـ ولد الناقة ـ يحشى ثماما ـ نبت ـ ويخيل للناقة فترأم بذلك ـ تعطف ـ على غير ولدها ، أو جلد حوار ـ وقد يكسر ولد الناقة ساعة تضعه أو إلى أن يفصل عن أمه ـ يلبس حوارا آخر لترأمه. (انظر القاموس ١ / ٢٨٣ و ٤ / ٣٠٦ و ٨٦ و ١١٦ و ٢ / ١٥) وفي (ظ) و (ز) ولد الرجل.