(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦)
لعمومه خطأ التبني وعمده ، وإذا وجد التبني ، فإن كان المتبنّى مجهول النسب وأصغر سنا منه ثبت نسبه منه ، وعتق إن كان عبدا له ، وإن كان أكبر سنا منه لم يثبت النسب ، وعتق عند أبي حنيفة رضي الله عنه ، وأما المعروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبني ، وعتق إن كان عبدا (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) لا يؤاخذكم بالخطإ ويقبل التوبة من المتعمّد.
٦ ـ (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي أحقّ بهم في كلّ شيء من أمور الدين والدنيا ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، فعليهم أن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه ، أو هو أولى بهم أي أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم كقوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) وفي قراءة ابن مسعود النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ، وقال مجاهد : كلّ نبيّ أبو أمته ، ولذلك صار المؤمنون إخوة لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أبوهم في الدين (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) في تحريم نكاحهنّ ووجوب تعظيمهنّ ، وهن فيما وراء ذلك كالإرث ونحوه كالأجنبيات ، ولهذا لم يتعدّ التحريم إلى بناتهن (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) وذوو القرابات (بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) في التوارث ، وكان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة ، ثم نسخ ذلك وجعل التوارث بحقّ القرابة (فِي كِتابِ اللهِ) في حكمه وقضائه ، أو في اللوح (٢) ، أو فيما فرض الله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) يجوز أن يكون بيانا لأولي الأرحام ، أي الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضا من الأجانب ، وأن يكون لابتداء الغاية أي أولو الأرحام بحقّ القرابة أولى بالميراث من المؤمنين ، أي الأنصار بحقّ الولاية في الدين ومن المهاجرين بحقّ الهجرة (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) الاستثناء من خلاف الجنس ، أي لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا جائز ، وهو أن توصوا لمن احببتم من هؤلاء بشيء فيكون ذلك بالوصية لا بالميراث ، وعدّي تفعلوا بإلى لأنه في معنى تسدوا ، والمراد بالأولياء المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) أي التوارث بالأرحام كان مسطورا في اللوح.
__________________
(١) التوبة ، ٩ / ١٢٨.
(٢) في (ظ) و (ز) زاد المحفوظ.