(إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠)
وهم الملائكة ، وكانوا ألفا بعث الله عليهم صبا باردة في ليلة شاتية فأخصرتهم (١) ، وأسفّت (٢) التراب في وجوههم ، وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد ، وقطعت الأطناب (٣) ، وأطفأت النيران ، وأكفأت القدور ، وماجت الخيل بعضها في بعض ، وقذف في قلوبهم الرعب ، وكبّرت الملائكة في جوانب عسكرهم ، فانهزموا من غير قتال ، وحين سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة بإشارة سلمان ، ثم خرج في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب معسكره والخندق بينه وبين القوم وأمر بالذراري والنسوان فرفعوا في الآطام (٤) واشتد الخوف ، وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش وبني كنانة وأهل تهامة (٥) وقائدهم أبو سفيان ، وخرج غطفان في ألف ومن تابعهم من أهل نجد (٦) وقائدهم عيينة بن حصن (٧) وعامر بن الطّفيل في هوازن (٨) وضامّتهم اليهود من قريظة والنضير ، ومضى على الفريقين قريب من شهر لا حرب بينهم إلا الترامي بالنبل والحجارة حتى أنزل الله النصر (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ) أي بعملكم أيها المؤمنون من التحصّن بالخندق والثبات على معاونة النبيّ صلىاللهعليهوسلم (بَصِيراً) وبالياء أبو عمرو ، أي بما يعمل الكفار من البغي والسعي في إطفاء نور الله.
١٠ ـ (إِذْ جاؤُكُمْ) بدل من إذ جاءتكم (مِنْ فَوْقِكُمْ) أي من أعلى الوادي من
__________________
(١) الخصر : البارد (القاموس ٢ / ٢٠).
(٢) في (أ) سفت ، وأسفت التراب من وجوههم : أدنته منها (انظر القاموس ٣ / ١٥٢).
(٣) الأطناب : حبال طويلة يشد بها الوتد (القاموس ١ / ٩٨).
(٤) الآطام : كل حصن بني بحجارة وكل بيت مربع مسطح (القاموس ٤ / ٧٤).
(٥) تهامة : قيل حدودها في غربيها بحر القلزم وفي شرقيها جبال متصلة من الجنوب إلى الشمال ، وطول أرض تهامة من الشرجة إلى عدن على الساحل اثنتا عشرين مرحلة وفي شرقيها مدينة صعدة وجرش ونجران ، وفي شمالها مكة وجدة وفي جنوبها صنعاء نحو عشرين مرحلة (معجم البلدان ٢ / ٧٤ هامش).
(٦) نجد : قيل نجد هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام (معجم البلدان ٥ / ٣٠٣).
(٧) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر : كان من رؤوس الأحزاب أسلم قبل الفتح بيسير ثم ارتد وتبع طليحة الأسدي المتنبىء ثم رجع إلى الإسلام فأمنه أبو بكر رضي الله عنه ، توفي زمن أو بعد عثمان رضي الله عنه (تاريخ الإسلام ـ عهد الخلفاء الراشدين).
(٨) هوازن : قبيلة بطن من قيس عيلان من العدنانية أغار عليهم النبي عليهالسلام (نهاية الأرب).