(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢٣)
عن أخباركم وعما جرى عليكم (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) رياء وسمعة.
٢١ ـ (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) بالضم حيث كان عاصم ، أي قدوة وهو المؤتسى به ، أي المقتدى به ، كما تقول في البيضة عشرون منا (١) حديدا ، أي هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد ، أو فيه خصلة من حقّها أن يؤتسى بها حيث قاتل بنفسه (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) أي يخاف الله ويخاف اليوم الآخر ، أو يأمل ثواب الله ونعيم الآخرة ، قالوا لمن بدل من لكم وفيه ضعف ، لأنه لا يجوز البدل من ضمير المخاطب ، وقيل لمن يتعلق بحسنة ، أي أسوة حسنة كائنة لمن كان (وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) أي في الخوف والرجاء والشدّة والرّخاء.
٢٢ ـ (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوه ويستنصروه بقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) (٢) إلى قوله : (قَرِيبٌ) فلما جاء الأحزاب واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) وعلموا أنّ الجنة والنصر قد وجبا (٣) لهم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : (إنّ الأحزاب سائرون إليكم في آخر تسع ليال أو عشر ، فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك) (٤) وهذا إشارة إلى الخطب والبلاء (وَما زادَهُمْ) ما رأوا من اجتماع الأحزاب عليهم ومجيئهم (إِلَّا إِيماناً) بالله وبمواعيده (وَتَسْلِيماً) لقضاياه (٥) وقدره.
٢٣ ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) أي فيما عاهدوه عليه
__________________
(١) منا : المنا مقصور الذي يوزن به (مختار الصحاح).
(٢) البقرة ، ٢ / ٢١٤.
(٣) في (ظ) أن الجنة والنصرة قد وجبت ، وفي (ز) أن الغلبة والنصرة قد وجبت.
(٤) قال ابن حجر : لم أجده.
(٥) في (ز) لقضائه.