(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠)
المرتفع لمن في المكان المستوطيّ ، ثم كثر حتى استوى في استعماله الأمكنة ، ومعنى تعالين أقبلن بإرادتكنّ واختياركنّ لأحد الأمرين ، ولم يرد نهوضهنّ إليه بأنفسهن كقولك (١) قام يهدّدني (أُمَتِّعْكُنَ) أعطكنّ متعة الطلاق ، وتستحبّ المتعة لكلّ مطلقة إلا المفوّضة (٢) قبل الوطء (وَأُسَرِّحْكُنَ) وأطلّقكنّ (سَراحاً جَمِيلاً) لا ضرار فيه ، أردن شيئا من الدنيا من ثياب وزيادة نفقة وتغايرن ، فغمّ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت ، فبدأ بعائشة رضي الله عنها وكانت أحبّهنّ إليه ، فخيّرها وقرأ عليها القرآن ، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فرؤي الفرح في وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم اختار جميعهنّ اختيارها (٣) ، وروي أنه قال لعائشة : إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ، ثم قرأ عليها القرآن ، فقالت : أفي هذا أستأمر أبوي!؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة (٤) ، وحكم التخيير في الطلاق أنه إذا قال لها اختاري ، فقالت اخترت نفسي أن تقع تطليقة بائنة وإذا اختارت زوجها لم يقع شيء ، وعن عليّ رضي الله عنه إذا اختارت زوجها فواحدة رجعية ، وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة.
٢٩ ـ (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) من للبيان لا للتبعيض (٥) (أَجْراً عَظِيماً).
٣٠ ـ (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) سيئة بليغة في القبح (مُبَيِّنَةٍ) ظاهرة فحشها (٦) ، من بيّن بمعنى تبين ، وبفتح الياء مكي وأبو بكر ، قيل هي عصيانهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونشوزهن ، وقيل الزّنا والله عاصم رسوله من ذلك (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ) يضعّف لها العذاب مكي وشامي ، يضعّف أبو عمرو ويزيد ويعقوب (ضِعْفَيْنِ) ضعفي عذاب غيرهنّ من النساء ، لأن ما قبح من سائر النساء كان أقبح منهن ، فزيادة قبح المعصية تتبع زيادة الفضل وليس لأحد من النساء مثل فضل نساء
__________________
(١) في (ظ) و (ز) كقوله.
(٢) المفوّضة : هي التي طلقها قبل الدخول ولم يسم لها مهرا فإنّ متعتها واجبة لأنها بدل عن نصف مهر المثل (اللباب في شرح الكتاب ٢ / ١٥٢).
(٣) الطبري عن الحسن بنحوه.
(٤) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٥) في (ز) من البيان لا التبعيض.
(٦) في (ز) ظاهر فحشها.