(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨)
٢٦ ـ (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) عاونوا الأحزاب (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) من بني قريظة (مِنْ صَياصِيهِمْ) من حصونهم ، الصّيصيّة ما تحصّن به ، روي أنّ جبريل عليهالسلام أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم ، على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس وعلى السرج ، فقال : (ما هذا يا جبريل؟) قال : من متابعة قريش ، فقال : يا رسول الله إنّ الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم ، فإن الله داقّهم دقّ البيض على الصّفا ، وإنهم لكم طعمة ، فأذّن في الناس أنّ من كان سامعا مطيعا فلا يصلي العصر إلّا في بني قريظة ، فحاصروهم خمسا وعشرين ليلة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (تنزلون على حكمي؟) فأبوا ، فقال : (على حكم سعد بن معاذ) فرضوا به ، فقال سعد حكمت فيهم إن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم ، فكبّر النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة) ثم استنزلهم ، وخندق في سوق المدينة خندقا وقدّمهم فضرب أعناقهم ، وهم من ثمانمائة إلى تسعمائة ، وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير (١) (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الخوف ، وبضم العين شامي وعليّ ، ونصب (فَرِيقاً) بقوله (تَقْتُلُونَ) وهم الرجال (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) وهم النساء والذراري.
٢٧ ـ (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) أي المواشي والنقود والأمتعة ، روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار وقال لهم : (إنكم في منازلكم) (٢) (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) بقصد القتال ، وهي مكة ، أو فارس والروم ، أو خيبر ، أو كلّ أرض تفتح إلى يوم القيامة (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) قادرا.
٢٨ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) أي السعة (٣) في الدنيا وكثرة الأموال (فَتَعالَيْنَ) أصل تعال أن يقوله من في المكان
__________________
(١) هو في سيرة ابن هشام في غزوة بني قريظة.
(٢) الواقدي في المغازي.
(٣) في (ز) السعادة.