(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦)
القائمين بالطاعة (وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ) في النيات والأقوال والأعمال (وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) على الطاعات وعن السيئات (وَالْخاشِعِينَ) المتواضعين لله بالقلوب والجوارح ، أو الخائفين (وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) فرضا ونفلا (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) فرضا ونفلا ، وقيل من تصدّق في كلّ أسبوع بدرهم فهو من المتصدّقين ومن صام البيض من كلّ شهر (١) فهو من الصائمين (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ) عما لا يحلّ (وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً) بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقراءة القرآن ، والاشتغال بالعلم من الذّكر ، والمعنى والحافظات فروجهن (وَالذَّاكِراتِ) الله ، فحذف لدلالة ما تقدّم عليه ، والفرق بين عطف الإناث على الذكور وعطف الزوجين على الزوجين لأنّ الأول نظير قوله : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٢) في أنهما جنسان مختلفان واشتركا في حكم واحد ، فلم يكن بدّ من توسيط (٣) العاطف بينهما ، وأما الثاني فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع ، ومعناه أنّ الجامعين والجامعات لهذه الطاعات (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) على طاعاتهم.
خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش بنت عمته أميمة (٤) على مولاه زيد بن حارثة فأبت وأبى أخوها عبد الله (٥) فنزلت :
٣٦ ـ (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) أي وما صحّ لرجل مؤمن ولا امرأة مؤمنة (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ) أي رسول الله (أَمْراً) من الأمور (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا ، بل من حقّهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره ، فقالا : رضينا يا رسول الله ، فأنكحها إياه ، وساق عنه إليها مهرها ، وإنما جمع الضمير في لهم وإن كان من حقّه أن يوحّد ، لأنّ المذكورين وقعا
__________________
(١) أي أيام البيض ، أي أيام الليالي البيض وهي الثالث عشر إلى الخامس عشر ، أو الثاني عشر إلى الرابع عشر (القاموس ٢ / ٣٢٦).
(٢) التحريم ، ٦٦ / ٥.
(٣) في (ظ) و (ز) توسط.
(٤) أميمة بنت عبد المطلب إحدى بناته الست تزوجها جحش بن رئاب فولدت له عبد الله وأبا أحمد الشاعر الأعمى ، وعبيد الله وزينب وحمنة (عيون الأثر ٢ / ٣٧٣).
(٥) عبد الله بن جحش ، صحابي قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وهو أخو زينب أم المؤمنين استشهد في أحد عام ٣ ه (الأعلام ٤ / ٧٦).