(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) (٥٤)
وإن شئت فعلّقه بقوله وقالوا آمنا به على أنه مثّلهم في طلبهم تحصيل ما عطّلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان بعيد لا مجال للظنّ في لحوقه حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائبا عنه بعيدا ، ويجوز أن يكون الضمير في آمنا به للعذاب الشديد في قوله : بين يدي عذاب شديد. وكانوا يقولون وما نحن بمعذبين إن كان الأمر كما تصفون من قيام الساعة والعقاب والثواب ، ونحن أكرم على الله من أن يعذّبنا قائسين أمر الآخرة على أمر الدنيا ، فهذا كان قذفهم بالغيب وهو غيب ومقذوف به من جهة بعيدة ، لأن دار الجزاء لا تنقاس على دار التكليف.
٥٤ ـ (وَحِيلَ) وحجز (بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) من نفع الإيمان يومئذ والنجاة به من النار والفوز بالجنة ، أو من الردّ إلى الدنيا كما حكى عنهم بقوله : (فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً) (١) والأفعال التي هي فزعوا وأخذوا وحيل كلّها للمضي ، والمراد بها الاستقبال لتحقّق وقوعه (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) بأشباههم من الكفرة (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍ) في (٢) أمر الرّسل والبعث (مُرِيبٍ) موقع للريبة (٣) ، من أرابه إذا أوقعه في الريبة ، هذا ردّ على من زعم أنّ الله لا يعذّب على الشّكّ (٤).
__________________
(١) السجدة ، ٣٢ / ١٢.
(٢) في (ز) من.
(٣) في (ز) في الريبة.
(٤) زاد في (ظ) والله تعالى بالغيب أعلم ، وفي (ز) والله أعلم.