الثالث : أنّه سمّي خليفة لأنّه يخلف الله سبحانه في الأرض ، وفي تفسير هذه الخلافة لله ـ سبحانه ـ وارتباطها بالمعنى اللغوي تعدّدت الآراء واختلفت :
أ ـ إنّه يخلف الله في الحكم والفصل بين الخلق.
ب ـ يخلف الله ـ سبحانه ـ في عمارة الأرض واستثمارها : من إنبات الزرع ، وإخراج الثمار ، وشق الأنهار وغير ذلك (١).
ج ـ يخلف الله ـ سبحانه ـ في العلم بالأسماء ، كما ذهب إلى ذلك العلّامة الطباطبائي (٢).
د ـ يخلف الله ـ سبحانه ـ في الأرض بما نفخ الله فيه من روحه ، ووهبه من قوة غير محدودة ، سواء في قابليتها أو شهواتها أو علومها ، كما ذهب إلى ذلك الشيخ محمّد عبدة (٣).
ولعلّ المذهب الثالث هو الصحيح من هذه المذاهب الثلاثة ، خصوصا إذا أخذنا في مدلوله معنى واسعا لخلافة الله في الأرض بحيث يشمل مجمل الآراء الأربعة التي أشرنا إليها في تفسيره ؛ لأنّ دور الإنسان في خلافة الله في الأرض يمكن أن يشمل جميع الأبعاد والصور التي ذكرتها هذه الآراء ، فهو يخلف الله في الحكم والفصل بين العباد بما منح الله هذا الإنسان من صلاحية الحكم بين الناس بالحق (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ...)(٤).
__________________
(١) هذا الرأي وما قبله ذكره الطوسي في التبيان ١ : ١٣١.
(٢) الميزان ١ : ١١٨.
(٣) المنار ١ : ٢٦٠.
(٤) ص : ٢٦.