وكذلك يخلفه في عمارة الأرض واستثمارها : من إنبات الزرع ، وإخراج الثمار والمعادن ، وتفجير المياه ، وشق الأنهار وغير ذلك (... فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)(١) ولعلّ أكثر موارد استعمال (خلائف وخلفاء واستخلاف) اريد منه هذا النوع من الاستخلاف : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(٢).
وكذلك يخلف الإنسان الله في الأرض بعلمه بالأسماء والمعارف والكمالات التي يتكامل من خلالها ويسير بها نحو الله تعالى.
ولعلّ ما ذكره الشيخ محمّد عبدة إنّما يمثل السر في منح الإنسان هذه الخلافة ؛ لأنّه يتميز بهذه المواهب والقوى والقابليات.
٢ ـ كيف عرف الملائكة أن الخليفة يفسد في الأرض؟
لقد ذكر المقطع القرآني أنّ جواب الملائكة عن إخبارهم بجعل آدم خليفة في الأرض أنّهم تساءلوا عن سبب انتقاء هذا الخليفة الذي يفسد في الأرض ، فكيف عرف الملائكة هذه الخصيصة في هذا الخليفة؟ وهنا عدة آراء :
الأوّل : أنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلمهم بذلك ؛ لأنّ الملائكة لا يمكن أن يقولوا هذا القول رجما بالغيب وعملا بالظن (٣).
الثاني : أنّهم قاسوا ذلك على المخلوقات التي سبقت هذا الخليفة الذي سوف
__________________
(١) الملك : ١٥.
(٢) الأعراف : ٧٤.
(٣) التبيان ١ : ١٣٢.