خضوعهم أو تقديسهم لهذا المخلوق الإلهي المتميز ، بما أودع الله فيه من روحه ، ووهبه العلم والإرادة والقدرة على التكامل والصعود إلى الدرجات الكمالية العالية.
ولعلّ هذا المعنى الثاني هو الظاهر من مجموعة الصور والآيات القرآنية التي تحدّثت عن هذا الموضوع ؛ إذ نلاحظ أنّ امتناع إبليس عن السجود إنّما كان بسبب الاستكبار لتفضيل هذا المخلوق ؛ لأنّه كان يطرح في تفسير عدم السجود أنّه أفضل من آدم (... قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(١) ، كما أنّ القرآن الكريم يشير إلى أنّ الإنسان الصالح المخلص يكون خارجا عن قدرة إبليس ومكره ، ومن ثمّ فهو مهيمن على هذه القوة الشيطانية :
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(٢).
إبليس من الملائكة أم لا؟
وهناك سؤال آخر عن حقيقة إبليس إنّه من الملائكة أو الجن؟ حيث ورد في القرآن الكريم وصفه بكلا هذين العنوانين :
فاذا كان من الملائكة فكيف يعصي الله تعالى ، وقد وصف الله تعالى الملائكة بأنهم : (... عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(٣) لا يخالفون و (... لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ ...)(٤) ، وهم بأمره يعملون.
وإذا كان من الجن فلما ذا وضع إلى جانب الملائكة في هذه القصّة؟
__________________
(١) الأعراف : ١٢.
(٢) ص : ٨٢ ـ ٨٣.
(٣) الأنبياء : ٢٦.
(٤) التحريم : ٦.