وقد كان من الممكن أن يحصل هذا الإدراك من خلال الحضانة الطويلة والتجربة الذاتية في حياته في الجنة ، ولعل هذا هو الهدف من وضعه في الجنة ؛ ليمر بهذه الحضانة الطويلة ، كما يحصل للإنسان في تجاربه في الطفولة ؛ إذ تنمو فيه هذه المعرفة تدريجا ، ولكن كان هناك طريق أقصر محفوف بالمخاطر وبالخطيئة والذنب.
ولم يكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ليختار للإنسان طريق الخطيئة بالرغم من قصره ؛ لأنّه طريق خطير ، ولكن عند ما اختار الإنسان ذلك ، وأصبح يدرك هذه الحقائق صار مؤهلا للبدء في الحياة الدنيا.
وفد فتح الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمامه باب التوبة والرجوع إليه ، ليتمكن الإنسان من مواصلة طريقه عند ما يضعف ويقع في الخطيئة ، وبذلك يتكامل عند ما يكون قادرا على التغلب على شهواته والسيطرة على رغباته.
الملاحظة الثانية : أنّ العلّامة الطباطبائي لم يوضح دور الخطيئة في معرفة السوءات ، كما لم يوضح عدم انسجام السوءات مع حياة الجنة ، ولعلّه يريد من دور الخطيئة في معرفة السوءات ما أشرنا إليه من دورها في الإحساس الخلقي للإنسان في إدراكه للحسن والقبح ، وكذلك لأنّ حياة الجنة يراها حياة طاهرة ونظيفة لا تنسجم مع السوءات ، وهو معنى عرفاني حيث لم يشر القرآن الكريم إلى أنّ آدم عليهالسلام لم تكن لديه سوأة قبل الخطيئة ، أو أنّها وجدت بعد الخطيئة ، وإنّما أشار إلى أنّ إدراكه للسوءة إنّما كان بعد الخطيئة والذنب.
الملاحظة الثالثة : أنّ الشهيد الصدر قدسسره لم يذكر في تكوّن مسار الخلافة على الأرض دور التوبة في هذا المسار ، مع أنّ التوبة لها دور أساس يمكن من خلاله أن يستأنف الإنسان عمله وتجربته في هذه الحياة ، ويصعد بسببها في مدارج الكمال.
الملاحظة الرابعة : أنّ الكمالات الإنسانية يمكن أن نتصورها بدون خطيئة ،