ذلك ـ والله أعلم ـ أنّه لا يوجد شيء فيها ممّا يثير الاهتمام بالنسبة إلى الأغراض القرآنية للقصّة. أو أنّ القرآن كان منهجه التفصيل النسبي بالنسبة إلى الأنبياء اللاحقين لوجود أقوام يتبعونهم ، ولا زالوا على ديانتهم والانتماء الخاص لهم دون الأنبياء السابقين الذين لا يتصفون بهذه الصفة.
ولكن يمكن أن نستنتج من المحاورة التي جرت بين نوح عليهالسلام والملأ من قومه : أنّ نوحا كان من طبقة الاشراف والملأ منهم ؛ ولذلك كانوا يحتجون عليه بمعاشرة الأراذل من الناس ، ويطلبون منه أن يطردهم ، كما أنّ هذا الانتماء لهذه الطبقة من الناس قد يفسّر لنا العامل الاجتماعي ـ والله أعمل ـ في ضلال زوجته وابنه ؛ إذ كان قومه يتأثرون بهذه العوامل الاجتماعية.
كما أنّه يمكن أن نستنتج : أنّه كان على درجة عالية من الشجاعة والإقدام والصبر والتحمل ؛ لما توحيه ظروف المحاصرة والعزلة والتكذيب والتهديد له بالقتل ، وهو مع كل ذلك يستمر في رسالته دون ملل أو كلل مع طول المدة ، كما سوف نعرف ذلك.
ومع ذلك لم يترك القرآن الحديث عن شخصية نوح عليهالسلام ومواصفاته العامة من خلال النقاط التالية :
١ ـ كان نوح أوّل اولي العزم الذين هم سادة الأنبياء وأصحاب الرسالات الإلهية العامة إلى البشر جميعا الذين أخذ الله ـ تعالى ـ منهم الميثاق الغليظ ، ولذا فشريعته أوّل الشرائع الإلهية المشتملة على تنظيم الحياة الإنسانية. وقد ذكرنا إشارة القرآن الكريم إلى ذلك في الآية (١٣) من سورة الشورى ، وكذلك في الآية (٧) من سورة الاحزاب.
٢ ـ كان نوح عليهالسلام الأب الثاني للنسل الحاضر من بني الإنسان ، وإليه ينتهي