الله لابلاغ رسالاته وليس ملكا ، كما أنّه لا يبتغي من وراء هذا العمل أجرا أو فائدة خاصة أو مقاما دنيويا ، وإنّما يريد بذلك خيرهم وصلاحهم.
وكان عليهالسلام يتصف : بالصبر ، وسعة الصدر ، والاستقامة في الدعوة ، ومواصلة إبلاغ الرسالة ، واستخدام الأساليب المختلفة العلنية والسرية.
(رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً)(١) (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً)(٢).
وقد واجهه قومه بتكذيبه في دعوته ، واستخدموا في هذا التكذيب عدّة وسائل تعبّر عن مراحل من المواجهة بينه وبين قومه :
فأوّلا : كانوا يثيرون في وجهه الشبهات والشكوك من خلال المجادلة بالباطل ، فتارة يتهمونه بالكذب والافتراء ، لأنّ الرسول من الله لا بدّ أن يكون ملكا ، ويستغربون أن يكون رسول الله رجلا مثلهم ، وأخرى يتهمونه بالضلال والخروج على الجماعة ووحدتها ، وثالثة بأنّه يسعى وراء الجاه والمقام والحصول على الامتيازات ، مع أنّه في نظرهم لا فضل له عليهم في الجاه والمال والولد.
وثانيا : المحاصرة الاجتماعية من خلال الاتهام بالتسافل الاجتماعي والعيش مع الاراذل والضعفاء والاوباش من الناس. ولا يمكنهم أن يؤمنوا برسالته ؛ لأنّ ذلك يؤدي بهم إلى أن ينزلوا إلى هذا المستوى الاجتماعي الداني ، أو من خلال الاتهام بالجنون والاضطراب العقلي والشغب.
وكان نوح عليهالسلام يرد عليهم هذا الاتهام : بأنّ هؤلاء مؤمنين ، ولا يمكن له أن
__________________
(١) نوح : ٥.
(٢) نوح : ٨ ـ ٩.