ب ـ الدعاء والطلب من الله ـ تعالى ـ بإنزال العذاب عليهم تنفيذا للسنة الإلهية التي كانت تفرض نزول العذاب بالأقوام الذين يكذبوا رسلهم مع تهديدهم باستخدام القوة ضدّهم ، أمّا بقتلهم ، أو إخراجهم من ديارهم ، أو تعذيبهم بالسجن وغيره. وقد كان نوح ينذر قومه بنزول هذا العذاب (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ* وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ)(١).
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)(٢).
ج ـ الاستعداد لنزول العذاب من خلال صنع الفلك والسفينة.
صنع الفلك :
ثم إنّ الله ـ تعالى ـ لما أمر نوحا بأن يصنع الفلك تهيئا وتحسبا لحدوث الطوفان ونزول العذاب (... وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٣) ، قام نوح بصنع الفلك ، ويبدو أنّ المنطقة التي كان يعيش فيها نوح وقومه كانت (فلاة) لا يوجد فيها بحر ولا نهر ؛ ولذا لم يكن لهذا العمل تفسير لدى قوم نوح عليهالسلام ، فكان يثير لديهم الاستغراب والتعجب والسخرية (... وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ
__________________
(١) غافر : ٥ ـ ٦.
(٢) نوح : ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) هود : ٣٧.