يستجيب فيها إبراهيم لطلب زوجته سارة في أن يبعد عنها زوجته هاجر وولدها إسماعيل ، كما تذكر ذلك النصوص التوراتية والروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام مع اختلاف بينها في بعض التفاصيل (١) ، ويذكر القرآن أصل القضية :
__________________
(١) عن هشام ، عن أبي عبد الله (ع) قال : «إنّ إبراهيم (ع) كان نازلا في بادية الشام ، فلما ولد له من هاجر اسماعيل اغتمت سارة من ذلك غمّا شديدا ؛ لأنّه لم يكن له منها ولد ، كانت تؤذي إبراهيم في هاجر وتغمه ، فشكى إبراهيم ذلك إلى الله عزوجل ، فأوحى الله إليه إنّما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء إن تركتها استمتعتها ، وإن اقمتها كسرتها ، ثم أمره أن يخرج إسماعيل وأمّه ، فحمل هاجر واسماعيل ، وكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلّا قال يا جبرائيل إلى هاهنا إلى هاهنا ، فيقول لا أمض ، امض حتى اتى مكة ، فوضعه في موضع البيت ، وقد كان إبراهيم عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها ، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء ، وكان معها ، فاستظلوا تحته ، فلمّا سرحهم إبراهيم ، ووضعهم ، وأراد الانصراف منهم إلى سارة قالت له هاجر : يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه انيس ، ولا ماء ، ولا زرع؟ فقال إبراهيم : الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم ، ثم انصرف عنهم ، فلما بلغ كداء ، وهو : جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) ثمّ مضى ، وبقيت هاجر ، فلمّا ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء ، فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى ونادت هل في الوادي من انيس؟ فغاب عنها اسماعيل ، فصعدت على الصفا ، ولمع لها السراب في الوادي ، وظنت أنه ماء ، فنزلت في بطن الوادي ، وسعت ، فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل ، ثمّ لمع لها السراب في ناحية الصفا ، فهبطت إلى الوادي تطلب الماء ، فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا ، فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات ... الحديث» تفسير القمي ١ : ٦٠ ـ ٦١.