تشير إلى ذلك بعض الروايات ـ حادثة المنام الذي رأى فيه إبراهيم أنّه يذبح ولده بعد أن كان قد بلغ مبلغ السعي والفتوة ، وقيل : بلغ ثلاثة عشر سنة ، كما قيل : إنّه بلغ مستوى العمل والعبادة لله تعالى.
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ* فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ* وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ)(١).
والذي يبدو من هذه الآيات أنّ الامتحان والبلاء كان عظيما لإبراهيم وولده ، الأمر الذي وصل فيه إبراهيم إلى الدرجة العالية التي أهلته إلى مقام الإمامة على ما تشير إلى ذلك بعض الروايات (٢).
خصائص هذه المرحلة :
يمكن أن نلاحظ في هذه المرحلة عدّة خصائص مهمة :
الاولى : ظاهرة التشريع ، وسنّ الآداب والاخلاق في السلوك الشخصي وفي هيئة الإنسان وبدنه ، وفي السلوك الاجتماعي ، والعلاقة مع الناس والله تعالى ،
__________________
(١) الصافات : ١٠٢ ـ ١٠٨.
(٢) روي عن الصادق «أنّه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولده إسماعيل أبي العرب فأتمها إبراهيم ، وعزم عليها ، وسلم لأمر الله ، فلمّا عزم قال الله ثوابا له لما صدق وعمل بما أمره الله». مجمع البيان للطبرسي ١ : ٢٠٠.
ولكن في رواية اخرى : أنّ الأمر بالذبح كان في أثناء تعليم جبرئيل لإبراهيم مناسك الحج ، والله أعلم.