محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنّما هو وحي أوحاه الله ـ تعالى ـ إليه وأنزله هداية للبشرية.
وقد أشرنا إلى هذا الهدف القرآني من القصّة عند بحثنا عن إعجاز القرآن الكريم ، حيث عرفنا : أنّ حديث النبي محمّد صلىاللهعليهوآله عن أخبار الامم السالفة وأنبيائهم ورسلهم بهذه الدقة والتفصيل والثقة والطمأنينة ـ مع ملاحظة ظروفه الثقافية والاجتماعية ـ يكشف عن حقيقة ثابتة ، وهي : تلقّيه هذه الأنباء والأخبار من مصدر غيبي مطّلع على الأسرار ، وما خفي من بواطن الامور ، وهذا المصدر هو : الله سبحانه وتعالى.
وقد نصّ القرآن الكريم على أنّ من أهداف القصّة هو هذا الغرض السامي ، وذلك في مقدّمة بعض القصص القرآنية أو ذيلها.
فقد جاء في سورة يوسف : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(١).
كما أشار إلى ذلك في نهاية القصّة من نفس السورة : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ)(٢).
وجاء في سورة القصص بعد عرضه لقصة موسى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ* وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ* وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٣).
__________________
(١) يوسف : ٣.
(٢) يوسف : ١٠٢.
(٣) القصص : ٤٤ ـ ٤٦.