عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ، فقال أخبركم غدا ولم يقل إن شاء الله ، حتى شق ذلك على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم نزل بعد أيام فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك» ، فقال له جبريل : إني كنت أشوق [إليك منك](١) ، ولكن عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست ، فأنزل الله (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) وأنزل : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) [الضحى : ١ ـ ٣].
(لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ) ، أي له علم ما بين أيدينا [وما خلفنا](٢) واختلفوا فيه فقال سعيد بن جبير وقتادة ومقاتل : ما بين أيدينا من أمر الآخرة والثواب والعقاب ، وما خلفنا ما مضى من الدنيا ، وما بين ذلك ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة ، وقيل : ما بين أيدينا من أمر الآخرة وما خلفنا من أمر الدنيا وما بين ذلك أي ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة. وقيل : ما بين أيدينا ما بقي من الدنيا وما خلفنا ما مضى منها ، وما بين ذلك مدة حياتنا. وقيل : ما بين أيدينا بعد أن نموت وما خلفنا قبل أن نخلق وما بين ذلك الهواء يريد أن ذلك كله لله عزوجل فلا نقدر على شيء إلّا بأمره. (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) ، أي ناسيا ، يقول : ما نسيك ربك أي ما تركك ، والناسي التارك.
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) ، أي اصبر على نهيه وأمره. (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما [هل تعلم له مثالا](٣). وقال سعيد بن جبير : عدلا. وقال الكلبي : هل تعلم أحدا يسمى الله غيره.
(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) ، يعني أبيّ بن خلف الجمحي كان منكرا للبعث ، قال : (أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) ، من القبر ، قاله استهزاء وتكذيبا للبعث.
قال الله عزوجل : (أَوَلا يَذْكُرُ) ، أي يتذكر ويتفكر ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب يذكر خفيف ، (الْإِنْسانُ) ، يعني أبيّ بن خلف (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) ، أي لا يتفكر هذا الجاحد في بدء خلقه فيستدل به على الإعادة ، ثم أقسم بنفسه ، فقال :
(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١))
(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) أي لنجمعنهم في المعاد يعني المشركين المنكرين للبعث ، (وَالشَّياطِينَ) ، مع الشياطين ، وذلك أنه يحشر كل كافر مع شيطانه في سلسلة ، (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ) ، قيل في جهنم (جِثِيًّا) ، قال ابن عباس رضي الله عنه : جماعات ، جمع جثوة ، وقال الحسن والضحاك : جمع جاث أي جاثين على الركب. قال السدي : قائمين على الركب لضيق المكان.
(ثُمَّ لَنَنْزِعَنَ) ، لنخرجنّ ، (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) ، أي من كل أمة وأهل دين من الكفار. (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) ، عتوا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني جرأة. وقال مجاهد : فجورا يريد الأعتى فالأعتى. وقال الكلبي : قائدهم ورأسهم في الشر يريد أنه يقدم في إدخال النار من هو أكبر جرما وأشد
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.