كفرا. وفي بعض الآثار أنهم يحضرون جميعا حول جهنم مسلمين مغلولين ، ثم يقدم الأكفر فالأكفر ، ورفع (أَيُّهُمْ) على معنى الذي ، يقال لهم : أيهم أشد على الرحمن عتيا. وقيل : على الاستئناف ، ثم لننزعن يعمل في موضع من كل شيعة.
(ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) (٧٠) ، أي أحق بدخول النار ، يقال : صلي يصلى صليا مثل لقي يلقى لقيا ، وصلى يصلي صليا مثل مضى يمضي مضيا ، إذا دخل النار وقاسى حرّها.
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ، أي وما منكم إلا واردها ، وقيل : القسم فيه (١) مضمر أي والله ما منكم من أحد إلا واردها ، والورود هو موافاة المكان ، [واختلفوا في معنى الورود هنا](٢) وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله : (وارِدُها) قال ابن عباس رضي الله عنه وهو قول الأكثرين معنى الورود هاهنا هو الدخول ، والكناية راجعة إلى النار ، وقالوا : النار يدخلها البر والفاجر ، ثم ينجي الله المتقين ، فيخرجهم منها ، والدليل على أن الورود هو الدخول قول الله عزوجل حكاية عن فرعون : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) [هود : ٩٨] ، وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن (نافع بن الأزرق ما روى ابن عباس) (٣) رضي الله عنهما في الورود ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الدخول. وقال نافع : ليس الورود الدخول ، تلا عبد الله بن عباس رضي الله عنه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) [الأنبياء : ٩٨] أدخلها هؤلاء أم لا؟ ثم قال : يا نافع أما والله أنا وأنت سنردها ، وأنا أرجو أن يخرجني الله منها ، وما أرى الله عزوجل يخرجك منها بتكذيبك. وقال قوم : ليس المراد من الورود الدخول ، وقالوا : النار لا يدخلها مؤمن أبدا ، لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) [الأنبياء : ١٠١ ـ ١٠٢] ، وقالوا : كل من دخلها لا يخرج منها ، والمراد من قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ، الحضور والرؤية ، لا الدخول ، كما قال تعال : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) [القصص : ٢٣] أراد به الحضور ، وقال عكرمة. الآية [في الكفار](٤) فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها. وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه قال : وإن منكم إلا واردها يعني القيامة والكناية راجعة منها. والأول أصح ، وعليه أهل السنة أنهم جميعا يدخلون النار ثم يخرج الله عزوجل منها أهل الإيمان ، بدليل قوله تعالى : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) [مريم : ٧٢] ، أي اتقوا الشرك ، وهم المؤمنون. والنجاة إنّما تكون مما دخلت فيه لا ما وردت ، وقرأ الكسائي ويعقوب ننجي بالتخفيف والآخرون بالتشديد ، والدليل على هذا ما :
[١٣٩٩] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري أنا حاجب بن أحمد
__________________
[١٣٩٩] ـ حديث صحيح. عبد الرحيم بن منيب مجهول ، لكن توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، سفيان بن عيينة ، الزهري محمد بن مسلم.
ـ وهو في «شرح السنة» ١٥٣٧ بهذا الإسناد.
ـ أخرجه البخاري ١٢٥١ ومسلم ٢٦٣٢ ح ١٥٠ وابن ماجه ١٦٠٣ وأحمد ٢ / ٢٣٩ من طرق عن سفيان بن عيينة به.
ـ أخرجه البخاري ٦٦٥٦ ومسلم ٢٦٣٢ ج ١٥٠ والترمذي ١٠٦٠ والنسائي ٤ / ٢٥ وابن حبان ٢٩٤٢ والبيهقي ٤ / ٦٧ و ٧ / ٧٨ و ١٠ / ٦٤ من طرق عن مالك عن الزهري به ، وهو في «الموطأ» ١ / ٢٣٥.
(١) في المطبوع «في».
(٢) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٣) في «الدر المنثور» (٤ / ٢٨٠): «خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس».
(٤) زيادة عن المخطوط.