(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) ، أي اتقوا الشرك ، قرأ الكسائي [ويعقوب](١) ننجي بالتخفيف ، والباقون بالتشديد ، (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) ، جميعا. وقيل : جاثين على الركب ، وفيه دليل على أن الكل دخلوها ثم أخرج الله منها المتقين ، وترك فيها الظالمين ، وهم المشركون.
[١٤٠٥] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال : «هل تمارون (٢) في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب» ، فقالوا : لا يا رسول الله ، قال : «فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب» (٣) ، قالوا : لا ، قال : «فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عزوجل فيقول : أنا ربكم فيقولون [هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول : أنا ربكم ، فيقولون](٤) : أنت ربنا [فيدعوهم](٥) ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، وكلام الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا : نعم ، قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم من يوبق بعمله ، ومنهم من يخردل ثم ينجو ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، وأمر الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله ، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، [فيخرجون من النار](٦) فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود ، فيخرجون من النار قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل [ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد](٧) ، ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل الأرض دخولا إلى الجنة مقبل بوجهه قبل النار ، فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ، قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها ، فيقول : هل عسيت أن أفعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول : لا وعزتك فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أقبل به على الجنة ورأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم قال : يا رب قدمني عند باب الجنة ، فيقول الله تبارك وتعالى : أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت ، فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك ، فيقول : فما عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول : لا وعزتك لا أسأل غير ذلك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة
__________________
[١٤٠٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن أبي حمزة ـ دينار. وهو في «شرح السنة» ٤٢٤٢ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٨٠٦ عن أبي اليمان بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري ٦٥٧٣ ومسلم ١٨٢ ح ٣٠٠ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٥٦ و ٤٧٨ واللالكائي ٨١٥ وابن مندة في «الإيمان» ٨٠٧ من طرق عن أبي اليمان به.
تنبيه : ساق المصنّف رحمهالله متن الحديث من رواية البخاري الأولى أولا ثم أدخل فيه بعض الألفاظ من الرواية الثانية عند البخاري.
(١) زيادة عن ـ ط ـ وهو الصواب كما في كتب القراءات.
(٢) في المطبوع «تضارون» والمثبت من عامة كتب الحديث.
(٣) في المطبوع المخطوط «حجاب».
(٤) زيادة عن المخطوط و «صحيح البخاري».
(٥) سقط من المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط و «صحيح البخاري».
(٧) زيادة عن المخطوط و «صحيح البخاري».