تتكلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه».
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ) يعني كما أنزلنا إليهم الكتب (١) ، (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، يعني مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه ، (وَمِنْ هؤُلاءِ) ، يعني أهل مكة ، (مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) ، وهم مؤمنو أهل مكة ، (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) ، وذلك أن اليهود وأهل مكة عرفوا أن محمدا نبي والقرآن حق فجحدا. وقال قتادة : الجحود إنما يكون بعد المعرفة.
(وَما كُنْتَ تَتْلُوا) ، يا محمد ، (مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ) ، يعني من قبل ما أنزلنا (٢) إلى الكتاب ، (وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) ، يعني ولا تكتبه يعني لم تكن تقرأ ولا تكتب قبل الوحي ، (إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) ، يعني لو كنت تقرأ أو تكتب فبل الوحي لشك المبطلون المشركون من أهل مكة ، وقالوا : إنه يقرؤه من كتب الأولين وينسخه منها ، قاله قتادة. وقال مقاتل : المبطلون هم اليهود ، ومعناه إذا لشكوا فيك واتهموك ، وقالوا إن الذي نجد نعته في التوراة أمي لا يقرأ ولا يكتب وليس هذا على ذلك النعت.
(بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ) ، قال الحسن يعني القرآن آيات بينات ، (فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، يعني المؤمنين الذين حملوا القرآن ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة : بل هو يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب ، لأنهم يجدونه بنعته وصفته في كتبهم ، (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ).
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣))
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) ، كما أنزل على الأنبياء من قبل ، قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وأبو بكر آية على التوحيد ، وقرأ الآخرون آيات من ربه. قوله عزوجل : (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ، وهو القادر على إرسالها إذا شاء أرسلها ، (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ، أنذر أهل المعصية بالنار ، وليس إنزال الآيات بيدي.
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) ، هذا لا جواب لقولهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) قال : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) ، يعني أو لم يكفهم من الآيات القران يتلى عليهم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ) ، في إنزال القرآن ، (لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ، أي تذكيرا وعظة لمن آمن وعمل به.
(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) ، أني رسوله وهذا القرآن كتابه ، (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) ، قال ابن عباس : بغير الله. وقال قتادة : بعبادة الشيطان ، (وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
__________________
(١) في المطبوع «الكتاب».
(٢) في المطبوع «أنزل».