(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) ، نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء ، (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) ، قال ابن عباس : ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم [إلى يوم القيامة كما قال بل الساعة موعدهم وقال الضحاك مدة أعمالهم](١) لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب ، وقيل : يوم بدر ، (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) ، يعني العذاب وقيل الأجل ، (بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ، بإتيانه.
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠))
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) ، أعاده تأكيدا ، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) ، جامعة لهم لا يبقى أحد منهم إلا دخلها.
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ) ، يصيبهم ، (الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) ، يعني إذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم كما قال لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ، (وَيَقُولُ ذُوقُوا) ، قرأ نافع وأهل الكوفة : «ويقول» بالياء أي ويقول لهم الموكل بعذابهم ، وقرأ الآخرون بالنون لأنه لما كان بأمره نسب إليه ، (ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، أي جزاء ما كنتم تعملون.
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (٥٦) ، قال مقاتل والكلبي : نزلت في ضعفاء مسلمي مكة يقول إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة إن أرضي [يعني المدينة](٢) واسعة آمنة ، قال مجاهد : إنّ أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا فيها. وقال سعيد بن جبير : إذا عمل في الأرض بالمعاصي فاخرجوا منها فإن أرضي واسعة. وقال عطاء : إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة ، وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له العبادة. وقيل : نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة وقالوا نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة ، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج. وقال مطرف بن عبد الله : [إن](٣) أرضي واسعة أي رزقي لكم واسع فاخرجوا.
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ، خوّفهم بالموت لتهون عليهم الهجرة أي كل واحد ميت أينما كان فلا تقيموا بدار الشرك خوفا من الموت ، (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) ، فنجزيكم بأعمالكم ، وقرأ أبو بكر : «يرجعون» بالياء.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) ، قرأ حمزة والكسائي بالثاء ساكنة من غير همز يقال (٤) : ثوى الرجل إذا أقام وأثويته إذا أنزلته منزلا يقيم فيه ، وقرأ الآخرون بالباء وفتحها وتشديد الواو وهمزة
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «فقال».