(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧))
(فِي بِضْعِ سِنِينَ) ، والبضع ما بين الثلاث إلى السبع ، [وقيل : ما بين الثلاث إلى التسع](١). وقيل : ما دون العشر. وقرأ عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري والحسن وعيسى بن عمر : «غلبت» بفتح الغين واللام ، «سيغلبون» بضم الياء وبفتح اللام ، وقالوا نزلت حين أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم عن غلبة الروم فارس ، ومعنى الآية : الم غلبت الروم فارس في أدنى الأرض إليكم وهم من بعد غلبهم سيغلبون] [يغلبهم](٢) المسلمون في بضع سنين ، وعند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم. والأول أصح وهو قول أكثر المفسرين. (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ، من قبل دولة الروم على فارس ومن بعدها فأي الفريقين كان لهم الغلبة فهو بأمر الله وقضائه وقدره. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ).
(بِنَصْرِ اللهِ) ، الروم على فارس ، قال السدي : فرح النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر وظهور أهل الكتاب على أهل الشرك ، (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ) ، الغالب ، (الرَّحِيمُ) ، بالمؤمنين.
(وَعْدَ اللهِ) ، نصب على المصدر أي وعد الله وعدا بظهور الروم على فارس ، (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) ، يعني أمر معايشهم (٣) كيف يكتسبون ويتجرون ومتى يغرسون ويزرعون ويحصدون وكيف يبنون ويعيشون ، وقال الحسن : إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره فيذكر وزنه ولا يخطئ وهو لا يحسن أن يصلي (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) ، ساهون عنها جاهلون لا يتفكرون فيها ولا يعملون لها.
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١))
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) ، أي للحق ، وقيل : لإقامة الحق ، (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) ، أي لوقت معلوم إذا انتهت إليه فنيت وهو [يوم](٤) القيامة ، (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ).
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، أو لم يسافروا في الأرض فينظروا إلى مصارع الأمم قبلهم فيعتبروا ، (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ) ، حرثوها وقلبوها للزراعة ،
__________________
(١) زيد في المطبوع.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «معاشهم».
(٤) زيادة عن المخطوط.