.................................................................................................
______________________________________________________
كانت فتوى أصحاب الأئمّة عليهمالسلام مفيدة للوثوق لهم بالأحكام الواقعيّة. ولذا ترى أنّ عدلا في هذا الزمان أيضا لو أخبر عن رأي المجتهد حصل للمخاطب علم أو وثوق بكونه فتواه. والوجه فيما ذكرناه من حصول الوثوق لهم بنفس الأحكام الواقعيّة أنّ فتاوى ذلك الزمان لم تكن كفتاوى مجتهدي هذا الزمان مبتنية على إعمال الاصول التعبّديّة ، بل كانت فتاواهم أشبه بنقل الأخبار المسموعة عن الإمام عليهالسلام بالمعنى ، وإنكار حصول الوثوق في مثل ذلك مكابرة محضة. وهذا وإن سمّي تقليدا ، كما يظهر من قول أبي جعفر الباقر عليهالسلام لأبان : «اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس ، فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك» إلّا أنّه نوع اجتهاد في الحقيقة. ولذا نقول بجواز البقاء على تقليد الميّت بل التقليد له ابتداء أيضا في مثل هذه الصورة ، وإن لم نقل بهما في أمثال هذا الزمان.
وبالجملة ، إنّ التقليد على هذا الوجه لا يرد نقضا على المستدلّ ، إذ لعلّه لا يأبى عن العمل بالوثوق الذي لا يعتنى باحتمال الخلاف فيه عند العقلاء ، بل الظاهر أنّ غيره أيضا ممّن منع العمل بغير العلم ـ كالسيّد وأتباعه ـ قد أرادوا من العلم ما يشمل ذلك أيضا. وفي كلام السيّد إشارة إلى ذلك كما يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
ومنها : جواز العمل بالاصول اللفظيّة. وفيه : أنّ اعتبار ظواهر الألفاظ من الكتاب والسنّة إن اريد به اعتبارها بالنسبة إلى المشافهين ، فلا ريب أنّ الخطابات الشفاهيّة إن لم تفد العلم للمخاطبين فلا أقلّ من حصول الاطمئنان لهم ، وقد عرفت قوّة احتمال عدم إباء المستدلّ من العمل به. وإن أبيت إلّا عن عدم إفادتها إلّا الظنّ غالبا أو دائما نقول : إنّه على هذا الفرض يكون باب العلم إلى تعيين مرادات المتكلّمين منسدّا ، وقد عرفت عدم ورود النقض على المستدلّ على هذا الفرض.
وإن اريد به اعتبارها بالنسبة إلى المعدومين أو الغائبين عن مجلس الخطاب ، فنقول : إنّ اعتبارها بالنسبة إليهم إن كان من باب الظنّ المطلق كما يراه المحقّق