فنقول : التعبّد بالظّن الذي لم يدلّ على التعبّد به دليل ، محرّم بالأدلّة الأربعة. ويكفي من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ (١٨٤) أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (٧) ، دلّ على أنّ ما ليس بإذن من الله من إسناد الحكم إلى الشارع ، فهو افتراء.
______________________________________________________
بناء على انسداد باب العلم فيه ، لتعيّن العمل فيه بالظنّ لا محالة. نعم ، يظهر أثره في مواضع :
منها : صورة انفتاح باب العلم في أغلب الأحكام الشرعيّة ، إذ يجوز حينئذ في الموارد القليلة التي انسدّ فيها باب العلم بناء العمل بالظنّ على تأسيس هذا الأصل.
ومنها : ما لو شكّ في انفتاح باب العلم شرعا وعدمه ، كأمثال هذا الزمان ، بناء على احتمال حجّية طائفة من الأخبار وافية بالفقه ، لعدم استقلال العقل حينئذ بوجوب العمل بالظنّ ، بل يبنى على تأسيس هذا الأصل.
ومنها : ما لو ثبت انسداد باب العلم في مورد من الموارد التي وقع الكلام فيها في جواز العمل بالظنّ ، لأنّ موارده ستّة ، أحدها : الفروع. الثاني : اصول الفقه.
الثالث : الاصول الاعتقاديّة. الرابع : الموضوعات المستنبطة. الخامس : الموضوعات الصرفة. السادس : المسائل المشتبهة المرددة بين كونها من الاصول والفروع ، كمباحث الاجتهاد والتقليد ونحوها. فإذا ثبت الانسداد في الفقه يبنى التعدّي إلى غيره على تأسيس هذا الأصل. ثمّ إنّ للعمل بالظنّ أقساما وأصالة الحرمة إنّما تتأتّى في بعضها كما سنشير إليه.
١٨٤. الآية واردة في ذمّ اليهود وتوبيخهم. وتقريب الدلالة : أنّ الظاهر من قوله : (أَذِنَ لَكُمْ) هو الإذن الفعلي الموقوف على وصول البيان. والمراد بالافتراء حينئذ بقرينة المقابلة نسبة الحكم إلى الله تعالى من دون إذن وبيان منه تعالى فيه ، سواء كان مأذونا فيه في الواقع أم لا ، وسواء كان المكلّف ظانّا بذلك أم لا ، عالما بعدمه أم شاكّا فيه أم معتقدا به ، مع عدم ثبوته في الواقع مع التقصير. فالآية دالّة على حرمة الجميع ، لورودها في مقام الذمّ والتوبيخ.