ومن السنّة : قوله عليهالسلام في عداد القضاة (١٨٥) من أهل النار : «ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم (٨)». ومن الإجماع : ما ادّعاه الفريد البهبهاني في بعض رسائله : من
______________________________________________________
وبهذا التقرير يندفع ما ربّما يورد على الاستدلال بها ، من كون ظاهرها حرمة ما لم يرد فيه إذن في الواقع ، لأنّ المراد بالافتراء بقرينة المقابلة نسبة ما لم يرد فيه إذن في الواقع ، كما هو مقتضى وضع الألفاظ للمعاني الواقعيّة ، فتصير الآية أخصّ من المدّعى ، إذ المقصود حرمة نسبة المظنون إلى الشارع والتديّن به ، سواء طابق الواقع أم لا. ووجه الاندفاع واضح.
ويمكن تقريب الاستدلال بوجه آخر ، بأن يقال : نفس التديّن بالظنّ وجعله من الطرق الشرعيّة ممّا لم يصل فيه إذن من الشارع ، فيكون إسناد الحكم إليه اعتمادا على الظنّ افتراء محرّما. والفرق بين التقريرين : أنّ الحرمة على الأوّل تنشأ من عدم وصول الإذن في الحكم المظنون المتعبّد به المنسوب إليه سبحانه. وعلى الثاني من عدم وصول الإذن في نفس التعبّد بالظنّ ، والاستناد إليه في نسبة المظنون إلى الشارع. ولعلّ الأقرب إلى عبارة المصنّف رحمهالله هو الثاني ، إذ الظاهر أنّ مراده بكون إسناد الحكم المظنون إلى الشارع افتراء كونه كذلك لأجل عدم وصول إذن في الاعتماد فيه على الظنّ ، لا لأجل عدم وصول إذن في المسند إليه سبحانه ، ولكنّ المنساق من الآية هو الأوّل.
ومن الآيات أيضا قوله جلّ وعلا ردّا على اليهود : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) لأنّه قد دلّ على عدم جواز القول بما لم يوح ، والمظنون لم يعلم كونه ممّا أوحي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيكون ممنوعا من القول به. وقد ذكر بعض مشايخنا أنّ بعضهم قد جمع في رسالة مفردة مأتي آية وخمسمائة حديث في حرمة العمل بالظنّ.
١٨٥. في القاموس : «عداده في بني فلان : أن يعدّ منهم في الديوان» فتدبّر. والرواية رواها محمّد بن خالد مرفوعا إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : «القضاة أربعة ، ثلاثة