.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة يجب الاحتياط وإن كان الظنّ في المسألة موجودا. وطريقه الإتيان بالفعل فيما دار الأمر فيه بين الوجوب وغير الحرمة ، كقراءة دعاء رؤية الهلال المردّدة بين الوجوب والاستحباب. وتركه فيما دار الأمر فيه بين الحرمة وغير الوجوب ، كشرب التتن والعمل بالطرف المظنون فيما دار الأمر فيه بين المحذورين من الوجوب والحرمة ، إن كان أحدهما مظنونا ، كما هو الفرض من وجود الظنّ في المقام. وتعيّن العمل بالطرف المظنون حينئذ ليس لأجل وجوب العمل بالظنّ من حيث هو ، لفرض عدم ثبوته ، بل لكون العمل به طريق احتياط في المقام ، لدوران الأمر بين التخيير في العمل بأحد طرفي الشكّ وتعيّن العمل بالظنّ ، لاحتمال وجوبه تعيينا ، فيتعيّن العمل به في مقام الخروج من عهدة التكليف ، فيؤخذ به في مقام الاحتياط.
هذا كلّه فيما يتعلّق بعمل الظانّ نفسه من العبادات والمعاملات. وأمّا ما يتعلّق بعمل غيره ، فاللازم عليه حينئذ هو الكفّ والسكوت ، وعدم التصدّي بشيء من القضاء والإفتاء وإرشاد الغير إلى العمل بالاحتياط في عمله.
فإن قلت : كيف توجب الاحتياط هنا ، والحال أنّ الأحكام غير المعلومة من قبيل الشبهة غير المحصورة التي لا يجب فيها الاحتياط كما قرّر في محلّه؟
قلت : نمنع كونها من قبيلها ، بل هي من قبيل الشبهة المحصورة ، أو اشتباه الكثير في الكثير الملحق بالمحصورة موضوعا أو حكما كما سيأتي في محلّه. مع أنّ المقصود في المقام نفي وجوب العمل بالظنّ في قبال من ادّعاه ، فلا يلزم من العمل بأصالة البراءة وجوب العمل به ، فتأمّل.
فإن قلت : إنّه لا وجه لما قرّرت من وجوب العمل بالاحتياط ، لامتناعه كثيرا ، إمّا بالذات كما في صورة دوران الأمر بين المحذورين من الوجوب والحرمة ، لأنّ الاحتياط ـ وهو الأخذ بالأوثق ـ غير ممكن مع تساوي الاحتمالين. وإمّا بالعرض ، كما فيما دار الأمر فيه بين الوجوب وغير الحرمة في العبادات ، إذ