.................................................................................................
______________________________________________________
المشهور اعتبار قصد الوجه فيها ، ومع احتمال وجوبه لا يمكن الاحتياط ، لتوقّفه على إلغاء قصد الوجه ، وهو مخالف للاحتياط ، بخلاف العمل بالظنّ ، لتيسّر قصد الوجه معه ، فيكون العمل بالظنّ موافقا للاحتياط في الجملة ، سيّما مع ما يظهر من العلماء من حصر الناس في صنفين : مجتهد ومقلّد ، والمحتاط خارج منهما.
قلت : إنّ المتعيّن فيما تعذّر فيه الاحتياط بالذات هو تخيّر المجتهد في عمل نفسه ، لعدم المناص منه في مقام العمل ، والتوقّف في القضاء والإفتاء بالنسبة إلى غيره ، وإن جاز له إرشاده إلى التخيير في عمله. وهذا لا يستلزم الفتوى ، ولذا يجوز للعامي حينئذ في هذه القضيّة تقليد غيره ممّن هو مفضول بالنسبة إليه على القول بوجوب تقليد الأعلم.
وأمّا فيما تعذّر فيه الاحتياط بالعرض ، لاحتمال وجوب قصد الوجه ، ففيه اوّلا : أنّا نقطع بعدم وجوبه في حصول الامتثال كما قرّر في محلّه. ومع الشكّ في وجوبه يرجع إلى أصالة البراءة ، فلا يثبت حينئذ وجوب العمل بالظنّ.
لا يقال : إنّ مرجع الشكّ هنا إلى الشكّ في كيفيّة الامتثال ، لكون قصد الوجه من شرائط امتثال الأمر دون المأمور به ، ومن المقرّر في محلّه وجوب الاحتياط في مثله.
لأنّا نقول : إنّ المرجع عند الشكّ في كيفيّة الامتثال إنّما هو الاحتياط فيما كان الشرط المشكوك فيه من القيود العرفيّة للامتثال ، بحيث لا يلزم قبح على الشارع على تقدير عدم بيانه ، وإلّا فلو كان من القيود التعبّدية التي لا سبيل للعقل إلى إدراكها ، فلا فرق بينه وبين شرائط المأمور به في كون المرجع عند الشكّ فيهما هي البراءة ، لاتّحاد المناط فيهما.
وثانيا : أنّ قصد الوجه كما يمكن مع العلم بالوجه وبالعمل بالأمارات الظنّية ، كذلك مع العمل بمقتضى الاصول العمليّة ، فإذا وجب الاحتياط ـ كما هو الفرض في المقام ـ يمكن قصد وجه الفعل المحتاط فيه لذلك.