.................................................................................................
______________________________________________________
إليهم ، وكانوا ربّما ينازعون في مجالسهم في معاني الأشعار والخطب ، ويخطّئ بعضهم بعضا ، فيحتاجون إلى مراجعة كتب اللغة وضبطها ، وقصّة سيبويه والكسائي مشهورة. قيل : إنّ العرب أرشوا في موافقة الكسائي ، أو إنّهم علموا مكانه عند الرشيد. وكان هذا عمدة السبب في تدوين كتب اللغة ، بل وسائر علوم الأدب أيضا. وهذا حال الأدباء ، لا دخل لها فيما نحن فيه.
وأمّا العلماء الأعلام فلم يظهر منهم أيضا الرجوع إلى كتب آحاد أهل اللغة واعتمادهم عليها في إثبات الأحكام الإلزاميّة المخالفة للاصول والقواعد ، بحيث يحصل منهم الإجماع على ذلك ، لأنّ إجماعهم في الجملة وإن كان مسلّما ، إلّا أنّ عملهم يحتمل أن يكون مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة ونحوهما كما اعتبروها في سائر المقامات ، ويحتمل أن يكون في موارد حصول العلم بمجرّد ذكر لغوي أو أزيد ، أو مع انضمام سائر القرائن الخارجة أيضا ، أو في مقام لا يتعلّق بالتكليف ، كتفسير الخطب والآيات والأخبار الواردة في القصص والحكايات ، أو يتعلّق به لكن في موارد يتسامح فيها كالسنن والمكروهات ، أو في مورد ثبت التكليف فيه بالواقع بالدليل اللفظي مع إجمال المراد منه وعدم إمكان الاحتياط فيه. وبالجملة ، إنّ الإجماع المدّعى في المقام عملي ، فلا بدّ فيه من الاقتصار على المتيقّن من مورد عملهم ، وهو غير مفيد للمدّعى.
ومنه يظهر ضعف ما نقله عن المحقّق السبزواري من بناء العقلاء على اعتبار قول كلّ ذي فنّ بارع في فنّه وكلّ ذي صنعة مبارز في صنعته ، لأنّ هذا أيضا إجماع تقييدي لا اعتداد به ، مع إجمال جهة عملهم بقول أهل الخبرة بحسب الموارد ، لأنّ عمل العلماء بقول الطبيب إنّما هو لدفع الضرر المظنون في مخالفته ، وهو ممّا استقلّ به العقل ، وعدم عملهم بقول غيره في الطبّ مع فرض إفادته للظنّ إنّما هو لكون الظنّ الحاصل من قول غيره كالوهم عند العقلاء ، والعقل بعد ملاحظة بناء العقلاء على عدم الاعتداد به يرجع فيه عن عموم حكمه بوجوب دفع الضرر