ذلك (٢٧٢) لا مطلقا ؛ ألا ترى أنّ أكثر علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع إليه من أهل الرجال ، بل وبعضهم على اعتبار التعدّد ، والظاهر اتّفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم وغيرها.
هذا ، مع أنّه لا يعرف الحقيقة عن المجاز بمجرّد قول اللغوي كما اعترف به المستدلّ في بعض كلماته ، فلا ينفع في تشخيص الظواهر.
فالإنصاف : أنّ الرجوع إلى أهل اللغة مع عدم اجتماع شروط الشهادة : إمّا في مقامات يحصل العلم فيها بالمستعمل فيه من مجرّد ذكر لغوي واحد أو أزيد له على وجه يعلم كونه من المسلّمات عند أهل اللغة ، كما قد يحصل العلم بالمسألة الفقهيّة من
______________________________________________________
المظنون. نعم ، ربّما يحتاطون حينئذ بالرجوع إلى الأطبّاء ، لأنّ قولهم إمّا يؤكّد هذا الظنّ بالموافقة أو يزيله بالمخالفة.
ومن هذا الباب رجوع المقلّد إلى المجتهد في الأحكام الشرعية في وجه ، لأنّ ذلك أيضا لأجل دفع الضرر المظنون. والظنّ الحاصل للمقلّد من الأدلّة هنا أيضا كالوهم ، لغاية بعده عن إدراك الأحكام الشرعيّة. وعملهم بقول علماء الرجال إمّا من باب الشهادة ، كما يظهر من جماعة كالأردبيلي وصاحبي المدارك والمعالم ، حيث اعتبروا فيه العدد والعدالة ، وإمّا من باب الرواية ، وهو المعروف فيما بينهم ، وإمّا من باب الظنون الاجتهاديّة كما يظهر من الوحيد البهبهاني. واعتبارهم لقول المقوّم في قيم المتلفات وأروش الجنايات إنّما هو من باب الشهادة ، ولذا اعتبروا فيه العدد والعدالة.
وبالجملة ، إنّ جهة عملهم في أمثال هذه الموارد مختلفة أو مجهولة. نعم ، الخبرة معتبر عندهم ، وبمجرّد ذلك لا يمكن إثبات حجّية قول أهل اللغة. نعم ، لو كان عملهم بقول أهل الخبرة من حيث خبرتهم ، بأن كانت الخبرة علّة تامّة لعملهم ، تمّ ذلك ، وإذ ليس فليس.
٢٧٢. مثل كون الإخبار مستندا إلى الحسّ دون الحدس والاجتهاد.