.................................................................................................
______________________________________________________
حيث احتمال الخطأ في خبره لزم كون التعليل بأمر مشترك ، لاشتراك العادل مع الفاسق في احتمال الخطأ ، لأنّ صفة العدالة رادعة عن تعمّد الكذب لا عن الخطأ كما عرفت. وتعليل أحد الحكمين المختلفين بأمر مشترك قبيح ، بل نفي احتمال الخطأ عن الفاسق أولى من نفيه عن العادل ، لما ورد من أنّ «المؤمن غرّ كريم ، والكافر خبّ لئيم».
هذا ، ويرد عليه أنّ غاية ما تدلّ عليه الآية كون علّة وجوب التبيّن عن خبر الفاسق هي صفة الفسق وعدمه عن خبر العادل هي صفة العدالة ، وأمّا كون اختلاف الحكمين لأجل قوّة احتمال تعمّد الكذب في الأوّل بخلافه في الثاني ، أو لأجل مراعاة جهة اخرى ، فلا دلالة للآية على خصوص أحدهما.
فإن قلت : إنّ صفة الفسق تناسب تعمّد الكذب ، لعدم القوّة الرادعة للفاسق ، بخلاف العادل.
قلت : ـ مع أنّ مجرّد المناسبة غير مجد ما لم يكتس اللفظ بسببها ظهورا عرفيّا ، وهو فيما نحن فيه محلّ نظر أو منع ـ إنّ المناسبة فيما سنذكره أيضا محقّقة ، وهو أن يكون اختلاف الحكمين لأجل مراعاة حال العادل والمحافظة على شأنه ومرتبته عند الناس ، وذلك بأن كان المطلوب عند الشارع أوّلا وبالذات هو التوصّل إلى الواقع بالعلم ، إلّا أنّه قد نزّل خبر العادل منزلة الواقع تعبّدا مطلقا ، سواء كان ذلك من حيث احتمال تعمّد الكذب أو من حيث الخطأ لأنّه إن وجب التثبّت في خبره أيضا فربّما تظهر مخالفة خبره للواقع بعد الفحص والتبيّن ، فيفتضح بين الناس ويزول وقعه عن القلوب.
فإن قلت : إنّ افتضاحه مع ظهور المخالفة إنّما هو في صورة ظهور تعمّده للكذب لا مع ظهور خطائه.
قلت : نعم إلّا أنّ هذا إنّما هو مع ظهور كون المخالفة لأجل الخطأ لكن كثيرا ما تشتبه الحال ويتردّد الأمر بين تعمّد الكذب والخطأ ، بل العامّة تحمله