هي إنّما تدلّ على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق ، والظاهر منها ـ بقرينة التفصيل (٢٨٨) بين العادل حين الإخبار والفاسق ، وبقرينة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم احتمالا مساويا ؛ لأنّ الفاسق لا رادع له عن الكذب ـ هو عدم الاعتناء باحتمال تعمّد كذبه ، لا وجوب البناء على إصابته وعدم خطائه في حدسه ؛ لأنّ الفسق والعدالة حين الإخبار لا يصلحان مناطا لتصويب المخبر وتخطئته بالنسبة إلى حدسه ، وكذا احتمال الوقوع في الندم من جهة الخطأ في الحدس أمر مشترك بين العادل والفاسق ، فلا يصلح لتعليل الفرق به. فعلمنا من ذلك أنّ المقصود من الآية إرادة نفي احتمال تعمّد الكذب عن العادل حين الإخبار دون الفاسق ؛ لأنّ هذا هو الذي يصلح لإناطته بالفسق والعدالة حين الإخبار. ومنه تبيّن عدم دلالة الآية على قبول الشهادة الحدسيّة إذا قلنا بدلالة الآية على اعتبار شهادة العدل.
______________________________________________________
٢٨٨. حاصله أنّ الإشكال في اعتبار الإجماع المنقول إنّما هو من حيث احتمال خطأ المدّعي في حدسه ، لا من حيث احتمال تعمّده للكذب ، لأنّ احتمال ذلك في علمائنا الأخيار الذين هم حملة الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام وأمنائهم وحججهم على الرعيّة بعدهم منتف قطعا ، لأنّهم أجلّ شأنا وأعظم رتبة من أن يكذبوا على الله تعالى أو على رسوله أو خلفائه المعصومين عليهمالسلام. والآية الكريمة إنّما تدلّ على اعتبار خبر العادل ووجوب تصديقه فيما أخبر به من حيث احتمال تعمّده للكذب ، لا من حيث احتمال خطائه في حدسه. وتشهد بذلك على ما يستفاد من كلامه وجوه :
أحدها : التفصيل في الحكم بين العادل والفاسق كما هو مقتضى المفهوم شرطا ووصفا ، لأنّ مقتضاه كون علّة وجوب التبيّن كون الجائي بالنبإ فاسقا ، ولا ريب أنّ صفة الفسق إنّما تصلح للعلّية إذا كان الحكم بوجوب التبيّن من حيث احتمال تعمّد الكذب فقط ، نظرا إلى كون صفة العدالة رادعة للعادل عن تعمّده له ، بخلاف صفة الفسق في الفاسق. ولو اريد به وجوب التبيّن عن خبر الفاسق من