لكن ليعلم أنّ معنى قبول نقل التواتر مثل الإخبار بتواتر موت زيد مثلا ، يتصوّر على وجهين : الأوّل : الحكم بثبوت الخبر المدّعى تواتره أعني موت زيد ، نظير حجّية الإجماع المنقول بالنسبة إلى المسألة المدّعى عليها الإجماع ، وهذا هو الذي ذكرنا أنّه يشترط في قبول خبر الواحد فيه كون ما أخبر به مستلزما عادة لوقوع متعلّقه.
الثاني : الحكم بثبوت تواتر الخبر المذكور ليترتّب على ذلك الخبر آثار المتواتر وأحكامه الشرعيّة ، كما إذا نذر (٣٧١) أن يحفظ أو يكتب كلّ خبر متواتر ، ثمّ أحكام
______________________________________________________
شرعيّ عليه بعد فرض عدم استلزامه عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام. وأمّا الثاني فلفرض كونه أمرا حدسيّا لا تشمله أدلّة أخبار الآحاد. ونقل التواتر أيضا يتضمّن الإخبار بأمرين : أحدهما : علمه بإخبار الجماعة عن الإمام عليهالسلام أو الوسائط بينه وبينهم ، والآخر : علمه بموافقة ما أخبروا به للواقع. ولو سلّم عدم شمول أدلّة خبر الواحد للثاني ، فهو لا يستلزم عدم شمولها للأوّل أيضا ، لفرض كونه أمرا حسيّا ، فيكون نقل التواتر من هذه الجهة كنقل الآحاد في إثبات خبر الجماعة عن الإمام عليهالسلام أو الوسائط. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ مراد المصنّف رحمهالله بقوله : «إنّ نقل التواتر في خبر لا يثبت حجّيته» هو عدم إثبات حجّية الخبر من حيث كونه متواترا ، بمعنى عدم إثبات آثار التواتر له ، فقيد الحيثيّة ملحوظ في كلامه.
والأولى أن يقال : إنّ مراده أنّ نقل التواتر في خبر لا يثبت حجّية هذا الخبر ، بمعنى أنّ نقل التواتر فيه لا يصير سببا لثبوت المخبر به شرعا ، وإن قلنا باعتبار خبر الناقل لأجل كونه عادلا ، لأنّ غايته إثبات خبر الجماعة ، وهو بمجرّده لا يثبت المخبر به ، لعدم اشتراط شرائط خبر الواحد في إخبار الجماعة في نقل التواتر ، فمع عدم اجتماعها فيهم لا يكون إخبارهم حجّة ، فإذا فرض عدم الملازمة العادّية بين إخبارهم وثبوت المخبر به فلا يبقى مقتض لقبول نقل التواتر مطلقا ، سواء كان ذلك لأجل كونه نقلا للتواتر أم إخبارا عن جماعة.
٣٧١. هذا يصلح مثالا لكلّ من قوليه «منها» و «منها». ثمّ إنّ هاهنا فروعا يتفرّع على اعتبار الإجماع المنقول أوضحناها في غاية المأمول ، من أراد الوقوف