وحدثني أبو أمية عن الحسن أن أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم : لو كان نبيّا ما ابتلي بالّذي ابتلي به. فدعا الله فقال : اللهم إن كنت تعلم أنّي لم أعمل حسنة في العلانيّة إلّا عملت في السّرّ مثلها فاكشف ما بي من ضرّ وأنت أرحم الرّاحمين. فاستجاب الله له ، فوقع ساجدا ، وأمطر عليه فراش الذهب فجعل يلتقطه ويجمعه.
قوله : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٨٤) يعني أن الذي كان ابتلي به أيوب لم يكن من هوانه على الله ، ولكنّ الله تبارك وتعالى أراد كرامته بذلك وجعل ذلك عزاء للعابدين بعده فيما يبتلون به ، وهو قوله عزوجل : (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ).
قوله : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٨٥)
سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الأشعري قال : إن ذا الكفل لم يكن نبيّا ولكنه كان عبدا صالحا ، تكفّل بعمل رجل صالح عند موته كان يصلّي لله كل يوم مائة صلاة فأحسن الله عليه الثناء. (١)
عاصم بن حكيم أن مجاهدا قال : إن ذا الكفل كان رجلا صالحا وليس بنبيّ ، تكفل لنبيّ بأن يكفل له أمر قومه ، ويقيمه لهم ، ويقضي بينهم بالعدل (٢).
قوله : (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا) (٨٦) يعني الجنّة.
(إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٨٦) والصالحون هم أهل الجنّة.
قوله : (وَذَا النُّونِ) (٨٧) يعني يونس. وقال في آية أخرى : (كَصاحِبِ الْحُوتِ)(٣) والحوت ، النون.
(إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) (٨٧) يعني مكابدا لدين ربه في تفسير الحسن.
(فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (٨٧)
قال قتادة : فظن أن لن نعاقبه (٤) بما صنع.
قال وبلغنا أن يونس دعا قومه زمانا إلى الله عزوجل ، فلما طال ذلك وأبوا
__________________
(١) الطبري ، ١٧ / ٧٥.
(٢) الطبري ، ١٧ / ٧٤.
(٣) ن ، ٤٨.
(٤) الطبري ، ١٧ / ٧٨.