ذراعا ، ثم قيل له : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(١) ايضا ، فركض برجله ركضة أخرى ، فإذا عين ، فشرب منها ، فأذهب الله تبارك وتعالى باطن دائه ، وردّ عليه أهله ، وولده وأمواله من البقر ، والغنم ، والحيوان ، وكلّ شيء هلك بعينه. ثم أبقاه الله فيها حتى وهب له من نسولها أمثالها ، فهو قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ)(٢).
قال قتادة : أحيى الله له أهله بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم (٣).
وقال الحسن : إن الله تبارك وتعالى أحيى ولد أيوب بأعيانهم ، وكانوا ماتوا قبل آجالهم تسليطا من الله للشّيطان عليهم ، فأحياهم الله ، فوفّاهم آجالهم. وإن الله تبارك وتعالى أبقاه فيهم حتى أعطاه من نسولهم مثلهم. وإن إبليس قال : يا أيوب وهو يأتيه عيانا ، اذبح لي سخلة من غنمك ، قال : لا ولا كفّا من تراب.
الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : لا يبلغ عبد الكفر والإشراك حتى يذبح لغير الله ، أو يصلّي لغير الله ، أو يدعو غير الله.
وحدثني ابو امية عن الحسن قال : إنّ الله تبارك وتعالى يحتج على النّاس يوم القيامة بثلاثة من الأنبياء ، فيجيء العبد فيقول : أعطيتني جمالا في الدّنيا فأعجبت به ، ولو لا ذلك لعملت / بطاعتك. فيقول الله له تبارك وتعالى : الجمال الذي أعطيت في الدنيا أفضل أو الجمال الذي اعطي يوسف؟ فيقول العبد : لا ، الجمال الذي أعطي يوسف. فيقول الله : إن يوسف كان يعمل بطاعتي ، فيحتجّ عليه بذلك. ويأتي العبد فيقول : ابتليتني في الدّنيا ، ولو لا ذلك لعملت بطاعتك. فيقول الله له : البلاء الذي ابتليت به في الدّنيا أشدّ أو البلاء الذي ابتلي به أيّوب فيقول العبد : البلاء الذي ابتلي به أيوب. فيقول الله له تبارك وتعالى : قد كان أيوب يعمل بطاعتي ، فيحتجّ عليه بذلك. ويجيء العبد فيقول : أعطيتني ملكا في الدّنيا فأعجبت به ، ولو لا ذلك لعملت بطاعتك. فيقول الله تبارك وتعالى : الملك الذي أعطيتك في الدنيا أفضل أو الملك الذي أعطي سليمان؟ فيقول العبد : الملك الذي أعطي سليمان. فيقول الله : قد كان سليمان يعمل بطاعتي ، فيحتجّ الله عليه بذلك.
__________________
(١) نفس الملاحظة.
(٢) ص ، ٤٣.
(٣) الطبري ، ١٧ / ٧٣.